المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : (كلام مهم جدا)


البدوي
09-29-2020, 06:04 AM
كلام مهم جدا
......( من حينٍ لآخر يتداول البعض كلام الإمامين العلمين العظيمين الشيخ الأكبر ابن عربي الحاتمي الطائي ومولانا جلال الدين الرومي البلخي قدس الله روحيهما الشريفتين ونفعنا بهما.. ويحملونه على ما يوافق هابط أهوائهم وخبيث شهواتهم.. ويصفون خبطهم هذا بالتصوف العالمي الذي يسع البشرية جمعاء بزعمهم.. ويذمون طريق القوم ويصفونه بالضيق والتحجر بإفكهم..

فكتبت مرة لأحدهم -أصلحهم الله جميعاً في لطف وعافية-:

"مسكينٌ الجلال الرومي يا سادة..
فإن حاله مثل حال الناي الذي بدأ بذكره كتابه المثنوي إذ قال:
"وكلٌ يظن أنني له رفيق ولكن أياً منهم لم يدرك حقيقة ما أنا فيه" ا. هـ

ثم قال في ذات الموضع:
"الحكمة التي يرويها -أي الناي- محرمة على الذين لا يعقلون، إذ لا يشتري عذب الحديث غير الأذن الواعية " ا.هـ

وكيف ينال المرء تلك الحكمة؟

يخبرنا ذلك في تفسيره قول الله تعالى:
﴿أَلَمْ تَرَ إِلَىٰ رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظِّلَّ وَلَوْ شَاءَ لَجَعَلَهُ سَاكِنًا ثُمَّ جَعَلْنَا الشَّمْسَ عَلَيْهِ دَلِيلًا﴾ الفرقان/ ٤٥
فقال:
"والظل صورة أولياء الله فلا تمش في ذلك الوادي دون أن يرشدك هذا الدليل وقل لا أحب الآفلين" ا.هـ

وكذلك أخبر سيدي محيي الدين ابن عربي فقال في ذخائر الأعلاق:
"فلا بد من مؤدب وهو الأستاذ فإن الطريق لما كان في غاية الشرف والعزة حفَّت به الآفات والقواطع والأمور المهلكة من كل جانب فلا يسلكه إلا شجاع مقدام ويكون معه دليل عَام ، وحينئذ تقع الفائدة ....إلى قوله:...قال الشيخ جبريل الخرمابادي : أيها السالك لا تدخل في هذه البادية المهلكة إلا وأن تكون في خفارة اتباع الحضرة النبوية ويكون قدامك دليل قَطعَ هذه البرية غير مرة واضعاً قدم صدقه على أثر قدم النبي غير منحرف عن جادة المتابعة" ا.هـ

فكلاهما يا سادة -مولانا والشيخ الأكبر- يقولان للمريد لاتمش في طريقنا بغير ولي مرشد فإنه ﴿مَن يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ ۖ وَمَن يُضْلِلْ فَلَن تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُّرْشِدًا﴾ الكهف/١٧
وإلا فهو محرومٌ من حكمة نايهما محجوب عن ضوء شمسهما.. فهما لا يسلمان للمريد أن يقرأ كلامهما ويخوض طريقهما بغير مرشد كامل ويخشيان عليك الهلاك من ذلك..

وإن ما نقلوه من كلام الجلال الرومي نُقل مثله عن محيي الدين ابن عربي..

وقدشرح الشيخ الأكبر بنفسه أبياته الشهيرة التي تُحمل زورًا على أنه يقول بوحدة الأديان في كتاب (ذخائر الأعلاق بشرح ترجمان الأشواق) فقال في كلام فيه طول:
"لقدْ صارَ قلبي قابلاً كلَّ صورة ٍ فمَرْعًى لغِزْلاَنٍ وديرٌ لرُهْبانِ
وبَيْتٌ لأوثانٍ وكعبة ُ طائفٍ، وألواحُ توراة ٍ ومصحفُ قرآنِ
أدينُ بدينِ الحبِّ أنَّى توجَّهتْ رَكائِبُهُ فالحُبُّ ديني وإيماني"
ثم قال:
"يقول لقد صار قلبي قابلاً لكل صورة كما قال الآخر: (ما سمي القلب إلا من تقلبه) فهو يتنوع بتنوع الواردات عليه وتنوع الواردات بتنوع أحواله وتنوع أحواله لتنوع التجليات الإلهية لسره وهو الذي كنى عنه الشارع بالتحول والتبدل في الصور.
ثم قال: (فمرعى لغزلان): أي إذا وصفناه بالمرعى كنينا عن السارحين فيه بالغزلان دون غيرهم من الحيوانات؛ لأن كلامنا بلسان الهوى والنسيب، وبالغزلان يقع التشبيه بالأحبة للمحبين في هذا اللسان، ولا شك أن عين الفرس سوداء متسعة ولكن ما وقع التشبيه إلا بعين الغزلان.
وقوله: (دير لرهبان): يقول: إذا جعلناهم رهباناً من الرهبانية جعلنا القلب ديراً للمناسبة لأنه منزل الرهبان وموضع إقامتهم.
وبيت لأوثان وكعبة طائف
وألواح توراة ومصحف قرآن
وقَبِل هذا القلب صورة بيت الأوثان، لما كانت الحقائق المطلوبة للبشر قائمة به -التي يعبدون الله من أجلها- فسمى ذلك أوثاناً، ولما كانت الأرواح العلوية حافة بقلبه سمى قلبه كعبة، وهي الأرواح المذكورة له إذا مسه طائف من الشيطان فهن أصحاب الملمات الملكية.
ولما حصل من العلوم الموسوية العبرانية جعل قلبه ألواحاً لها. ولما ورث من المعارف المحمدية الكمالية جعلها مصحفاً وأقامها مقام القرآن لما حصل له من مقام: (أوتيت جوامع الكلم).
أدين بدين الحب أنى توجهت
ركائبه فالحب ديني وإيماني
يشير إلى قوله: (فاتبعوني يحببكم الله) فلهذا سماه دين الحب ودان به ليتلقى تكليفات محبوبه بالقبول والرضى والمحبة ورفع المشقة والكلفة فيها بأي وجه كانت، ولذا قال: (أنى توجهت): أي: أية جهة سلكت مما يرضى ولا يرضى فهي كلها مرضية عندنا.
وقوله: (فالحب ديني وإيماني): أي ما ثم دين أعلى من دين قام على المحبة والشوق لمن أدينَ له به وأومنَ به على غيب وهذا مخصوص بالمحمديين، فإن محمداً -صلى الله عليه وسلم له- من بين سائر الأنبياء مقام المحبة بكمالها، مع أنه صفي ونجي وخليل وغير ذلك من معاني مقامات الأنبياء وزاد عليهم أن الله اتخذه حبيباًأي محباً محبوبا،ًوورثته على منهاجه."

انتهى كلامه رضي الله عنه وتجدون كلامه هذا في كتابه المذكور ص٣٩ وما بعدها

فأين هذا الكلام من وحدة الأديان؟!
وما الفرق بينه وبين كلام بقية القوم أهل الله الذين نُقل عنهم مثله
يا سادة الطريق واحد في جوهره متعدد في أعراضه
والجوهر حقيقة والعرض وهم
فليس ثمة تصوف عالمي يخالفه تصوف طرقي!!
لكن نعم.. قد شان الطريق أناس وقفوا عند الرسوم والظواهر فحذر القوم أنفسهم من مسلكهم..

انظروا إن شئتم قول السيد أحمد الكبير الرفاعي قدس الله روحه -في كتابه البرهان المؤيد-:
"أي حبيبي: تظن أن هذه الطريقة تورث من أبيك تسلسل من جدك تأتيك باسم بكر وعمر ، تصر لك في وثيقة نسبك ، تنقش لك على جيب خرقتك ، على طرف تاجك ، حسبت هذه البضاعة ثوب شعر وتاجا وعكازا ودلقا وعمامة كبيرة وزيا صالحا ، لاوالله إن الله لاينظر إلى كل هذا ، ينظر إلى قلبك كيف يفرغ فيه سره ، وبركة قربه ، وهو غافل عنه بحجاب التاج ، بحجاب الخرقة بحجاب السبحة بحجاب العصا بحجاب المسوح ، إيش هذا العقل الخالي من نورالمعرفة ، إيش هذا الرأس الخالي من جوهر العقل ، ماعلمت بأعمال الطائفة وتلبس لباسهم يامسكين ." ا.هـ

فهذا هو ذاته ما حذر منه الشيخان الرومي وابن عربي.. حذرا من الوقوف عند الرسوم والظواهر.. لا أنهما يدعوان إلى نزع ربقة التكليف عن الأنام وطرح ميزة التشريف للإسلام.. حاشاهما وكل سادتنا أهل الله قدس الله أرواحهم الشريفة وأمدنا بمددهم وحققنا بعلومهم في لطف وعافية.