الموضوع: بوارق الحقائق
عرض مشاركة واحدة
قديم 08-30-2015, 09:58 PM رقم المشاركة : 14
معلومات العضو
عضو

إحصائية العضو





 

الرفاعي غير متواجد حالياً

 


شكراً: 8
تم شكره 9 مرة في 9 مشاركة
كاتب الموضوع : الرفاعي المنتدى : رواق الطريقة الرفاعية
افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم
__________


فلاطفني وتحنن علي، وأجزل العناية وأحسن، ثم قال: لا إله إلا الله، ها أنت الأشعث الأغبر، والمغيب في هذا البيت المنتظر! آن إبان تمهيدك، وجاء وقت بروزك بخلعة تقليدك . سـر للمقام المقدس طوى، اذهب إلى ربك، وكفى بالله وليا، عن أهلك وحزبك وعشيرتك وصحبك، وشهودك ومشهودك، وعينك ووجودك . اجعل التوكل على الله زادك، والالتجاء إليه اعتمادك؛ فإنه إن لم يسيرك لا سير لك ولا عزم، وإن لم يدبرك فلا تدبير لك ولا حزم . يا ضلال من كفره، واعتمد على سواه! لا إله إلا الله . فعجبت من افتتاح كلامه بكلمة التوحيد، واختتامه بها.

وقلت له: أي سيدي ـ سلام الله وتحياته عليك وعلى آبائك الطاهرين أجمعين، ما قصد جدك الإمام الأعظم الرفاعي ـ عطر الله مرقده ـ بقوله في بعض مجالسه : لو تكلمت السنة لفضحت أمة تدعي العمل بها وهي على البدعة؟.

فقال: يعني بلو الامتـناعية، عدم إمكان صيرورة المعاني أجساما تنطق؛ فإن السنة السنية معنى نطق به الحبيب العظيم، البر الكريم، الرؤوف الرحيم، فالحكم ظهر به، ولا جسم هناك ينطق، والحكم بيّـن، لكن تلبس بأهل السنة قوم وليسوا منهم، بل هم من أهل البدعة، فضربوا حجب زورهم على الأعين، وادعوا العمل بالسنة! وهناك لو كانت المعاني أجساما، والأحكام ألسنا ناطقة، لقالت بملء فيها: ما أنا كما يقولون، ولا ما يدعون! وهناك يفتضح أهل البدعة.

فقلت وما قصده من قوله أيضاً: أقل الناس لحوقاً بمرتبة وراثة متبوعيهم اتباع الاقطاب الكمّل المحمديين، والمحققين منهم المتمكنين لإنطوى أسرار البدايات ونشرها شيئاً فشيئاً، ولمزلقة رؤيا البداية مع جهل كامنها في مراتب النهاية.

فقال: يريد أن أتباع أولئك السادة ينتظمون بسـلك خدامهم في بدايتهم، وشأن بداية المحمدين الضعف، المطوية فيه القوة، والفقدان المطوي فيه الوجدان، والذل المطوي فيه العز، والانحطاط المطوي فيه الارتقاء، والمغلوبية المطوية فيها الغالبية، والوحدة المطوية فيها الكثرة، والتجاهل المطوي فيه العلم، والرد المطوي فيه السـعد، والهجرة المطوية فيها النصرة، والقطيعة المطوي فيها الوصل، والخوف المطوي فيه الأمن، والتكذيب المطوي فيه التصديق، مع حقائق تناقض عند منتقدها من المحجوبين، ورقائق تعارض نسبة آراء أولئك المنتـقدين، واختلاف شؤونات، وانحجاب حقائقهم المطويات.

فكلما تقدم المحمدي إلى كشف حقيقة قوة، شهد أهل الحجاب من أتباعه ضعفه البدائي فعجبوا! وكلما برزت بوجدانه، شهدوا فقدانه البدائي فاستغربوا! وكذلك كلما ظهر وصف مطوي من وصف بيـّن بدائي استعظموه! ورأوْا ذلك المحمدي بوصف البدائي المرئي إذ ذاك لهم. وما عرفوا لجهلهم أن هذه الأوصاف التي تبرز كانت مطوية في تلك الحـقائق البدائية، فيصرعهم نظرهم هـذا عن اللحوق بمرتبة الوراثة، وأين هـم منها؟! هم في بعد عنها.

وأما القليل من حزب أتباعهم، الذين امتلأت قلوبهم إيمانا بالله تعالى، وأيقنوا أن له أسرارا طواها بعباده، وامتاز بعنايته وعظائم أسراره المحمديين رضي الله عنهم، فهم إذا رأوا سرا مطويا برز على يد عبد محمدي، ولو بأسلوب رقيق، وطراز أنيق، أعظمته قلوبهم، فهابوا المحمدي، وترقبوا منه بروز أسرار كثيرة، وانجمعوا ظاهرا وباطنا عنده، وشارفوه بقلوبهم، لهـيبتهم إياه، فأولئك منهم وراث المرتبة بلا مين.

وأما من غاب عن حكم المرتبة بعوارض البداية أو السـير وما يطرأ عليه، فهو رفيق الحلس لا يبرح من مكانه، هذا إذا لم يسـقط.

ومثل الفريقين، كقوم نظروا رسول الله صلى الله عليه وسلم يتيم أبي طالب، مستأجر السيدة خديجة، وهلم جراً، وقوم نظروه سيف الله المصلت لإعلاء كلمة الله الذي طوى فيه تعالى قدرة منه، وأقامه برهانا ربانيا نائبا بأمره عنه.

فالفريق الأول منهم المحجوبون، بل والمنافقون، والفريق الثاني منهم الصديق الأكبر، والفاروق الأعظم، وذو النورين الأنور، والكرار الأزهر، ومن بعدهم، والكلمة واحدة، ونوبة النبوة المحمدية من جهة حكم السـر النبوي سارية، ورجال النبوة على ذلك القدم، وأتباعهم على نوعي الفريقين، والمشهد يرى عند أصحاب البصائر بتلك العين.

والمحجوبون لهم أعين، لكن لا يبصرون بها، ولهم، ولهمن ولكن لا يسمعون ولا يفقهون. ولدقة هذا المشهد الشريف، وكون طريقه صعبا ومزلقة قل رجاله، وأين رجاله؟ رجاله الأحرار، الذين ملكت همتهم كل أمل، ولم تصر مملوكة ولا لأمل واحد، سلام الله عليهم، ماضيهم وآتيهم، ورحمة الله وبركاته.

فقلت: وبأيّ علامة نعرف المحمدي الكامل؟

يتبع إن شاء الله تعالى






رد مع اقتباس
 
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 12 13 14 16 17 18 19 20 21 22 23 24 26 27 28 29 30 31 34 35 36 37 38 39 41 42 43 44 46 53 54 57 58 59 62 63 64 66 67 70 71 72 73 74 75 77 78 79 80 81 82 83 84 85 86 87 88 89 90 91 92 93 94 95 96 97