عرض مشاركة واحدة
قديم 09-04-2015, 10:05 AM رقم المشاركة : 4
معلومات العضو
عضو

إحصائية العضو





 

الرفاعي غير متواجد حالياً

 


شكراً: 8
تم شكره 9 مرة في 9 مشاركة
كاتب الموضوع : الرفاعي المنتدى : رواق المكتبة
افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم
ـــــــــــــــــــــــــ

واعلم أن التوحيد هو إثبات القدم، وإفراد المحدث، ونفي العدم، ومعرفة التفريد هو إفراد الإسم، وفهم التجريد هو التنزيه بالعلم، وأصل لا إله إلا الله هو إثبات اسم الألوهية، وإخلاص إفراده ونفي ما سواه من الالهية، وتنزيهه عن أضداده وأنداده، وبفهم معناه وسره يصح الاسلام، وشهادته يتم الإيمان، وقاعدته يكمل الإحسان، ومحبكم يبين لكم إن شاء الله تعالى معاني هذا الإسم المفرد وصفاته، وأسرار حروفه وعددها، وجملة تعداد حسابها، يحصل لمن علمه وأدركه بشواهد مبينة جهد فهم ذوقه، وحال سلوكه، فاعلم أيدك الله تعالى بمواد المزيد، وفهمك معاني أسرار التوحيد بفضله من فضله، أن هذا الإسم، المفرد، المعظم، المقدم، المجرد، أعني الله عز ذكره، هو اسم الذات العلية، الموصوفة بصفة الألوهية، المعروفة بنعوت الربوبية، المتصف بصفة الأحدية، المنفرد بوحدة الوحدانية، المنعوت بصمدانية الصمدانية، المنزه عن جنس الكيفية، وأنواع المثلية، المقدس عن يحيط بمعرفة كنه إدراكه عقول البشرية، فهو: ((الله)) اسم الاله، الواحد، القديم، الحي، القيوم، العلي، العظيم، الباقي، السرمد، الكبير، المتعال، الموجد، المطلق الوجود، الأزلي الذي لم يزل أولاً وآخراً، ظاهراً وباطناً، ولا يزال المستحق بالوجود الحقيقي، الواجد الوجود، وكل موجود سواه مستمد منه الوجود، فهو من حيث ذاته هالك فان، ومن حيث موجده ثابت موجود، وهو أعظم الأسماء، لأنه دال على الذات العلية، الجامعة لكل كمال صفات الألوهية، وكمال الذات هو كمال الوجود ودوامه أزلاً وأبداً باق سرمداً واستحال عليه العدم كما وجب له الوجود والقدم قال الشاعر:



جَلالُكَ يا قُدُّوسُ لَيْـسَ لَـهُ حَـدُّ = كَذَاكَ صِفاتُ الْقُدسِ لَيْسَ لها عَـدُ

تَعَالَيْتَ عَنْ شِبْـهِ الْخَلِيقَـةِ كُلِّهَـا = وَمِنْ وَصْفِ عَلْياكَ الطَّهارَةُ وَالْمَجْدُ

قَضَاؤُكَ مَحْتُـومٌ وأَمْـرُكَ نَافِـذٌ = وما شِئْتَ مِنْ شَيْءٍ فَلَيْـسَ لَـهُ رَدُّ

لَكَ الْمَثَـلُ الأعْلَـى وَكُـلُّ مُعَبَّـدٍ = كَفَاهُ اعْتِزَازاً أَنْ يُقالَ هُـوَ الْعَبْـدُ


وقد اختلف العلماء في هذا الإسم المفرد، هل هو مشتق أم لا؟ والكلام فيه على ثلاثة أوجه: أحدها من طريق اللغة، الثاني من طريق الحمكة، الثالث من طريق المعرفة، فأما الوجه الأول من اللغة فعلى قولين، قائل يقول باشتقاقه وإطلاقه وقائل يقول بالتوقف عنه ومنعه، فالمتوقف المانع قال لا يجوز اشتقاقه من معنى بوجه أصلا فإن الله تعالى قال: ((هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيّاً)) وفيه ثلاث معان، الأول هل تعلم أحداً تسمى الله غير الله؟ أو اسما غير ما سمى به نفسه، الثاني هل تعلم أحداً يستحق كمال الأسماء والصفات ما يستحقه الله ويتصف به حقيقة؟ الثالث هل تعلم اسماً أعظم من هذا الإسم المفرد، أو له اشتقاق من شيء كما يشتق لأسماء الخلق؟! فهو لا يشبهه شيء، وإنما هو دال على ذات الإله الذي قامت به الصفات، بمثابة اسم العلم الدال على المسمى من غير اشتقاق له من شيء، وهو اسم تفرد الله شبحانه وتعالى واختصه لنفسه، ووصف به ذاته، وقدمه على جميع أسمائه وأضاف أسمائه كلها إليه، وكل ما يأتي بعده من الأسماء نعت له، وصفة لوصفه، ومتعلقة به وتوصف سائر الأسماء بأنها أسماء الله تعالى وتعرف في الأغلب بالإضافة إليه، يقال أنها من أسماء الله تعالى، ولا يقال من أسماء الصبور، أو الغفور، أو الجبار، وكذا الإسلام لا يتم إلا بذكر هذا الإسم، ولا يقبل اسم عوضا منه، ولا ذكر بدلا عنه، بأن يقال إله إلا الغفار، أو الرحيم، أو الجبار، وإنما يقال لا إله إلا الله، وبذلك نطق القرآن والحديث، لأنه أدل على كنه المعاني الالهية واختص بها، وهو بها أشهر، وأتم وأظهر، فاستغنى عن التعريف بغيره من الأسماء، وعرف غيره بالإضافة إليه، وجعله للنطق والذكر والتعلق، دون الاتصاف به والتخلق، قال الشاعر:


يَاذَا الَّذِي قَدْ دَنَا بِالْبَحْثِ وَالطَّلَـبِ عَنْ سِر مَعْنًى سَمَا عَنْ رُتْبَةِ النَّسَبِ

اقْبَلْ نَصِيحَةَ مَنْ قَدْ قَـالَ مُعْتَرِفـاً لا تَجْعَلَنَّ إلى التَّشْبِيْهِ مِـنْ سَبَـبِ

لاسْمِ الاله الَّذِى قَدْ جَـلَّ مُنْفَـرِداً عَنِ اشْتِقَاقٍ وَعَنْ إسْـمٍ لِـذِى أرَبِ

قَدِ ارْتَضٍـاهُ لَـهُ إسْمـاً وَنَزَّهَـهُ بِالذِّكْرِ عَنْ خَلَفٍ في سَائرِ الْكُتُـبِ

وَاخْتَصَّهُ بِاسْمِهِ فـي ذَاتِـهِ فَأَتَـى مِنْ بَيْنِهَا سَائرُ الأَسْماءِ بِالْعَجَـبِ

مِنْهَا الثَّنَاءُ الَّذِى قَدْ عَـمَّ مُشْتَمِـلاً شُكْراً عَلَى نِعَمٍ وَالذِّكْرُ في الْخُطَبِ

فَاعْلِنْ بِهِ أَبَداً وَاحْذَرْهُ عَنْ خَلْـفٍ إنْ كُنْتَ ذَا هِمَـمٍ أَوْ كُنْـتَ ذَا أَدَبِ

والقائل باطلاق اشتقاقه قال هو مشتق من أربعة أشياء، من الوله، ومن الحجب، ومن العلو، ومن البقاء ، فأما اشتقاقه من معنى الوله فأصله إله، والإله هو الذي يوله له، ويقصد في طلب الحوائج، ويفزع إليه في النوائب ويرجى فضله ويخاف عدله كما قال الشاعر:


وَكَلْتُ الَيْكُمْ فِي بَلاَيَا تَنُوبُنِي = فَأَلْفَيْتُكُمْ عَوْناً كَرِيماً مُمَجَّدا

وقيل من معنى إله، زيدت فيه اللام للتفخيم، فقيل الإله، ثم حذفوا الهمزة المتخللة بين اللامين، وأدغموا اللام الأولى التي للتفخيم، في اللام الثانية التي للتعظيم، فعظمت فقيل ((الله)) واسم الله من الألوهية، هو اسم يوجب الوله، إما لشدة طرب العبد وسروره، وإما لفرط شدة حزنه وخوفه وذعره، فيكون بين وقتين، وقت قبض، ووقت بسط، ففي حالة القبض يوجب له هيبة، يصحب طرفها دهشة، وفي حالة البسط يوجب له قربة، يصحب طرفها فرحة، فمن عرف ربه فزع إليه ودعاه، ووله له وأعرض عمن سواه، وآثر رضاه على هواه.

قال الشاعر:


لله دَرُّ الْغَانِيَات النُّزَّهْ = سَبَّحْنَ وَاسْتَرْجَعْنَ مَنْ تَأَلَهْ


وأما اشتقاقه من معنى الحجب، فأصله لاه، ومعناه احتجب عن الخلق، وحجب أبصارهم عن رؤيته في الدنيا، وفي ذلك قال الشاعر:


لَاهَتْ فَمَا عُرِفَتْ يَوْماً بِجَارِحَةٍ = يَالَيْتَهَا ظَهَرَتْ حَتى رأَيْنَاهَا


فمن عرف ربه راقبه، وحاسب نفسه، وعلم أنه يراه من حيث لا يراه، فهو يستحيي منه.

وأما اشتقاقه من معنى العلو والرفعة، فأصله أيضا لاه، يقال لاهت الشمس إذا علت وتوسطت قبة السماء في علو مركزها واستوت حالة وقوفها.

وأما الكلام على الوجه الثاني من طريق الحكمة ................

يتبع إن شاء الله تعالى






رد مع اقتباس
 
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 12 13 14 16 17 18 19 20 21 22 23 24 26 27 28 29 30 31 34 35 36 37 38 39 41 42 43 44 46 53 54 57 58 59 62 63 64 66 67 70 71 72 73 74 75 77 78 79 80 81 82 83 84 85 86 87 88 89 90 91 92 93 94 95 96 97