الموضوع: بوارق الحقائق
عرض مشاركة واحدة
قديم 08-31-2015, 03:47 PM رقم المشاركة : 17
معلومات العضو
عضو

إحصائية العضو





 

الرفاعي غير متواجد حالياً

 


شكراً: 8
تم شكره 9 مرة في 9 مشاركة
كاتب الموضوع : الرفاعي المنتدى : رواق الطريقة الرفاعية
افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم
___________________

ثم قال الصياد رضي الله عنه: وارجع بقولي هذا بعد علمك وشهودك إلى سنة نبيك الأمين، وسيرة أصحابه المرضيين، فالموقن يكفيه نص واحد، وألف نص لا يفيد المكابر المعاند، والتوفيق بيد الله تعالى .

أقول: سبحان الله! قلوب المكابرين المعاندين يرثى لها، لما فيها من غلظة الحجاب والقسوة الدافعة عن طريق الصواب، وما هي إلا جماد، أو أسمج من الجماد.

كنت في طريق الحجاز مع القافلة، فنزلت، وضرب أهل الخيام خيامهم، والشمس قد أثرت بي، فاستأذنت صاحب خيمة قريبة مني أن أتظلل بظل خيمته قليلا إلى أن تنكسر حدة الشمس، فأبى لفقري ورثة ثيابي، فدعوت له بالتوفيق ورجعت.

وإذا بشجرة غيلان من ذلك الجانب تقول لي وأنا أسمع: ما أقل حظ صاحب هذه الخيمة!

ما أبعده عن ربه! بالله عليك يا ولي الله. تعال شرفني باستظلالك عندي. فشكرت الله، وذهبت فجلست تحت الشجرة المذكورة وقلت:


يحنو الجماد على الولي وقلب من = طمسته أهوية الخيال جماد


ولا بدع، فالحياة سر إلهي يودعه الله في غير ذي حياة، فيصير إيداع الحياة به حيا، والحياة المستودعة حياة قلب، وحياة قالب.

فحياة القلب ترفع العبد حتى إلى مشـاهد القدس، وحياة القالب مثل مـا هي في الحيوانات، هي في الإنسان، لقيام وقعود وأكل وشرب وغير ذلك مما يتعلق بالقالب، ولحياة القلب شوارق، منها ما لو أفرغ على الجماد والحيوان الغير ناطق لتكلم بإذن الله تعالى.

وإن السعيد من جمع الله له بين الحياتين، والبعيد من أفرد بحياة القالب ولم يكن له من حياة القلب نصيب، وذلك النصيب الذي هو من جملة شوارق حياة القلب: إلقاء السمع، والشهود بعين الاعتبار لآثار الله في ملكه تعالى وملكوته. والواعظ القائم بالقلب إلى مقام التنزيه هو التذكير بالموت، قال تعالى : ((وكم أهلكنا قبلهم من قرن هم أشد منهم بطشا فنقبوا في البلاد هل من محيص. إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب)) أي حياة ترشد قلبه لتدبر الذكرى: ((أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها))، وكذلك من لم تكن له حياة قلبية فهو مقفول القلب، وعكسه حي القلب، فهو من أهل التدبر، ومن تدبر تذكر، ومن لم يكن من أهل المرتبة الأولى، وكان من القسم المنعوت بقوله تعالى: ((أو ألقى السمع وهو شهيد))، فهذا أيضا يتذكر، والذكرى تنفع المؤمنين، ومنها ((إذا ذكر الله وجلت قلوبهم))، ولهذا قال الله تعالى لنبيه: ((وذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين)) وهنا يحل سر قول الإمام الصياد رضي الله عنه: الموقن يكفيه نص واحد. أي ليسكن قلبه، وألف نص لا يفيد عند المكابر المعاند. وكذلك قال الله تعالى لحبيبه ـ عليه الصلاة والسلام: ((فذكر إن نفعت الذكرى. سيذكر من يخشى. ويتجنبها الأشقى)). على أن الذكرى طارق من طوارق الحق، يفرغ له القلب الوجل الخائف من الله، الذي أخذته خشية الله من غلطته، فأنزله منازل المتقين المقربين، وإلا فأهل الشقاوة مجانبون لهذه المرتبة، متجنبون عنها، والعارفون كلما نهضت بهم العناية فرفعتهم في منازل المعرفة، وازدادوا قربان ازدادوا تدبرا وتفكرا بأسرار الله وآثاره، وإن الله مع المتقين.

وقلت لسيدي الإمام الصياد: - رضي الله عنه - بعد أن ختم كلامه الذي سبق سيدي عرفني ما أشرف السلوك عندكم معاشر الأحمديين؟ فقال: العلم والعمل فان من لم يكن عالماً بفقه دينه لا يقتدى به، ومن لم يكن عاملاً لا يؤتمن في طريق الله على حال أو مقام. قال تعالى: ((فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا اليهم لعلهم يحذرون)) فقد جعل تعالى علة الانذار التفقه، وبه يحصل الحذر، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: ( إذا اراد الله بعبد خيراً فقهه في الدين وألهمه رشده ) أي: ألهمه العمل بعلمه، حتى لا يسقط من عين الله، ويعدّ من الذين يقولون مالا يفعلون المرادين بخطاب ((أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم)) فأصل السلوك العلم بفقه الدين في الأحكام، والعمل بكل ذلك، ثم يتدرج السالك إلى الورع ومحاسبة النفس، والتوفيق من الله.

فقلت وهل ينبغي للمسلم طلب السلوك ؟

فقال : ..............

يتبع إن شاء الله تعالى






رد مع اقتباس
 
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 12 13 14 16 17 18 19 20 21 22 23 24 26 27 28 29 30 31 34 35 36 37 38 39 41 42 43 44 46 53 54 57 58 59 62 63 64 66 67 70 71 72 73 74 75 77 78 79 80 81 82 83 84 85 86 87 88 89 90 91 92 93 94 95 96 97