اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد، اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد، اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد، اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد بسم الله الرحمن الرحيم

🌹كل عام وانتم بخير 🌹شهر رمضان المعظم 🌹كل العام وانتم بالف خير ءامين🌹 تهنئة بمناسبة شهر رمضان المعظم

اللهُ أكبرُ اللهُ أكبرُ اللهُ أكبرُ، لا إلهَ إلَّا الله، واللهُ أكبر اللهُ أكبر، ولله الحَمد _ كتاب بوارق الحقائق لطاهر الأنفاس سيدى الرواس اضغط هنا للقراءة كتاب بوارق الحقائق


العودة   منتدى شبكة الصوفية > ساحة الطرق الصوفية > رواق الطريقة التجانية > الفيضة التجانية


إمـتـاع الـعـشَّـاق بـلـمـحـاتٍ مـن حـيـاة أبـي إسـحـاق

الفيضة التجانية


إنشاء موضوع جديد  إضافة رد
المنتدى المشاركات الجديدة ردود اليوم شاهدة المشاركات المشاركة التالية
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 12-27-2016, 07:47 AM رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
عضو

إحصائية العضو





 

البدوي غير متواجد حالياً

 


شكراً: 16
تم شكره 31 مرة في 28 مشاركة
المنتدى : الفيضة التجانية
افتراضي إمـتـاع الـعـشَّـاق بـلـمـحـاتٍ مـن حـيـاة أبـي إسـحـاق

إمـتـاع الـعـشَّـاق بـلـمـحـاتٍ مـن حـيـاة أبـي إسـحـاق (نقلا عن موقع أنصار باي،ansarbaye.org)





كتب بواسطة: الشيخ إبراهيم بن البشير علي سيس




"الحمد لله رب العالمين والسلامان على سائد الخلق أجمعين سيدنا محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين وصحبه الغرِّ الميامين ومن تمسك بأذيالهم ونهج منهجهم إلى يوم الدين
والرضى التام الأكمل عن خاتم الأولياء وتاجهم , وغرتهم وممدهم صاحب المقام المكتوم , والوارث المحمدي المعلوم أبي العباس الشيخ سيدي أحمد التجاني
ورضي الله عن حامل سره باستحقاق , ورافع لواء طريقته بلا منازع ولا مشاق , شيخ الإسلام , وبركة الأنام الشيخ إبراهيم بن الحاج عبد الله نياس .

أما بعد :
كان العالم – لفتراتٍ من عصوره – يرزخ تحت وطأة الإستبداد ويعاني من ويلاتٍ لامتناهية في كل مجالات الحياة , الاجتماعية منها والاقتصادية والسياسية والدينية وغيرها ..... كان الوضع مأساوياً إلى حدٍّ لا يوصف , فالضعفاء مقهورون من قبل الأقوياء المتسلطين والفقراء عبيد للأثرياء الطغاة , حلّت الغلظة والفظاظة مكان الرحمة والرأفة واستُبدلت الشفقة والحنان بالطيش والنزق والتجبّر , كان الناس يعيشون في ظلامٍ دامسٍ وليلٍ مدلهمٍّ وشصبٍ مطبق .
وكانت القارة الإفريقية القارة الأوفر حظاً والأكبر سهماً من هذه الويلات بين سائر قارات العالم الأخرى وتجرّعت من علقمها كؤوسا لم يتجرّعه غيرها , شهدت القارة الإفريقية – إلى جانب الويلات السابقة – أسوأ استعمارٍ عرفه العالم وتجارةً بشريّةً واستعباداً ما زالا وصمة عارٍ على جبين مرتكبيه .* يدخل المستعمر البغيض القرية فيختار من رجالها أقواهم ومن الشبّان أنضرهم ويستاقونهم بالسلاسل والأغلال إلى مواخير أمريكا وأروبا بواسطة سفائنهم المشئومة تاركين وراءهم العجزة والنساء والأطفال يتعذبون , ومن أراد منهم المقاومة أو الممانعة يُقتل لساعته أو يلقن درساً تكون عظةً وعبرةً لمن تخوّل له نفسه أن يقاوم ( أسياده ) و (صناديده ) .
في خضمّ هذه المأساة , بزغ فجر ذلك اللّيل وانقشع الظلام بانجلاء ضوء صباحٍ طال انتظاره وترقبه , واخضرّت الأرض بعد جدبها وشصبها وعاد إلى الحياة نبضها ببروز رجلٍ من أقصى الغرب الإفريقي لينقذ الناس من العذاب الذي هم فيه ويخرجهم من غياهب السجن التي طالما تخبطوا فيها إلى نورٍ مشرقٍ برّاق وإلى نهارٍ مضيءٍ لامع .
كان هذا في طليعة القرن العشرين , وكان ذلك المنقذ هو شيخ الإسلام الشيخ إبراهيم نياس الكولخي السنغالي رضي الله عنه .
نعم ! إنه المنقذ والمجدّد , إنه المنقذ الذي بعث شعاع الأمل في قلوب الألوف المؤلفة من الألى كانوا قد يئسوا من الحياة وما فيها وإنه المجدّد الذي أعاد إحياء الضمائر والقلوب , وجبر الله به الكسور , وشرح به الصدور , وأزاح به المصائب والشرور , وألّف به بين شعوبٍ وإثنياتٍ ما كان يخطر ببال امرئٍ أن يجتمعوا فضلاً من الله ونعمة .
هذا المنقذ وهذا المجدّد هو هو الذي نريد أن نرتع في رياضه ونقطف من ثمار حياته ونستخلص منها عبراً ودروساً تكون لنا سراجاً وقبساً وتنفعنا إذا ما تمسّكنا بها دنياً وأخرى إن شاء الله .
ولست أحاول في هذه الوريقات القليلة وهذا البحث المتواضع الإلمام بجميع تفاصيل حياة هذا الشيخ والإتيان بكل شاذةٍ وفاذةٍ منها فذلك "كما أقول" شأوٌ لا يُدرك لأنه البحر الغطمطم الذي لا ساحل له , وعليه فمن أراد أن يتناول جانباً أو جوانب من حياة هذا الشيخ فإنما يغوص في هذا البحر اللامتناهي بقدرما تتيح له طاقته وإمكانياته المقيّدة وجهده المحدود , وقد قلت سابقاً :

قل ما استطعت وقف عجْزاً عن الباقي
******************************************* لا يعــرف الشيــخَ حـقـاً غـيـرُ خــلاّقي
ولست كذلك ادّعي الإتيان بشيءٍ جديد يؤخذ عني فقد سبقني إلى هذا المجال زمرةٌ من فحول وفطاحلة العلماء الذين عاصروا الشيخ وصاحبوه فحازوا قصب الرِّهان في هذا الميدان , وإنما غاية ما قمت به هو تتبع ما وصل إليَّ مما كتبه هؤلاء الأفاضل النجباء وحاولت لملمة شتاتِه وجمعَه في بوتقةٍ واحدةٍ سيراً على منوالهم واحتذاءً لحذوهم رضي الله عنهم أجمعين .
مولده ونشأته وتعلمه:

وُلد المجدُ والعُلا من جديدِ******** ألفُ مرحى وياله من وليدِ
وُلد الخيرُ والهنا وتـلاشى*********** كـلُّ هـمٍّ وكلُّ هـولٍ أديــدِ
إنه يـومُ فـرحـةٍ وســرورٍ******** وابتهاجٍ كما هو يوم عـيـدِ

وُلد مولانا الشيخ إبراهيم – رضي الله عنه – يوم الخميس عصراً وفق الخامس عشر من شهر رجب عام ألفٍ وثلاثمائةٍ وثمانية عشر (1318هـ) بقرية " طيْبَ انْيَسَيْن " , في بيت دينٍ وتديُّنٍ وولايةٍ وتقوى , من أسرةٍ عريقة المجد والشرف , مشهورةٍ بالعلم والكرمْ , موسومةٍ بالسؤدد والشممْ , هي أسرة " نياس " التي تنحدر جذورها من الأمير العربيِّ " الرِّضى " . وقد قدم هذا الأمير إلى السنغال من المغرب العربي , وتزوج من أميرة البلد ( جَيْلَ نياس ) فلُلقِّب بلقبها – نياس – للتعريف به .
والده القطب الفريد , ذو الفضل المديد , والخُلق الحميد , والرأي السديد , علاّمة السّنغال المجاهد , شيخنا الحاج عبد الله نياس بن محمد رضي الله عنهم .
أما والدته فهي الياقوتة الغالية , ذات السجايا الحميدة , والمزايا المجيدة , سيدتنا الفاضلة والعارفة بربِّها الواصلة " عائشة جَنْقَ ".
وُلد الشيخ إبراهيم في هذا البيت وبين هذين الأبوين الكريمين , وتربّى تحت حجرهما وترعرع على أحضانهما ترعرعاً إسلامياً صوفياً , ونهل من معينهما الصَّافي مكارم الأخلاق ومحامد الشِّيم . وفي حوالي الخامسة من عمره أدخله والده الكُتّاب ليتعلم القرآن الكريم وأشرف هو بنفسه على تعليمه حتى حفظه بعد سبع سنواتٍ برواية ورشٍ وعمره وقتئذ اثنا عشر عاماً على الراجح .
ثم بعد حفظه لكتاب الله تعالى ودستور الملة الحنيفية السمحاء , شدَّ لطلب العلم مئزره , وشمّر عن ساق الجدِّ وسعى جاهداً لتحصيله , فدرس العلوم كلَّها , درس التفسير , ودرس الحديث وعلومه , والفقه وأصوله , والبلاغة وفنونها , والأدب وروائعه , والفلسفة وغوامضها , والمنطق ودقائقه , والنحو , والصرف ,
ودرس التصوف عامة , وفقه الطريقة التجانية خاصة - لأنها الطريقة التي ينتمي إليها وتنتمي إليها أسرته - ويقول الشيخ رضي الله عنه مؤكداً كلامنا عن الجهد الذي بذله في سبيل العلم ما معناه : " والعلم طالعته كثيراً حتى أنه لا تكاد تؤلف ورقة في هذه الطريقة إلا جلبها والدي ووقفت عليها " .* ويقول الأستاذ العلامة إبراهيم محمود جوب : أن الكتب التي في مكتبته كلَّها كُتبٌ تعامل معها ليست مكتبة يتزيّن بها المتعلِّمون .
*وسرعان ما ظهرت عليه معالم النبوغ وارتسمت عليه ملامح التَّفوق , فلم يكد يبلغ العشرين من عمره حتى حرّر العلوم كلها منطوقها ومفهومها وأثار إعجاب الجميع ولفت انتباه الزوّار الذين كان يقدمون من دول الجوار كموريتانيا وغمبيا وغيرهما حتى قال أحدهم :
وكلُّ نجيبٍ مثل " إبْرَ " فحيِّه**** و " إبْرَ " من الزوّار يدنو ويقربُ
ومع كلِّ ما ناله مولانا الشيخ إبراهيم – رضي الله عنه – من علوم حيّرت الألباب وأبهرتها , ومعارف سحرت العقول وأذهلتها , فكان – كما يقول الأستاذ إبراهيم محمود جوب - " دائرة معارفَ في العلوم الشرعية والنقلية والعقلية " مع كلِّ ذلك فإنه لم يتلقى درساً واحداً من أحدٍ غير والده وما عرف معلِّماً سواه , فهو الذي علمه وربّاه ولقنه الطريقة التجانية .
استمع إليه* وهو يقول : " هذا وقد ساقني سائق السعادة بفضل مدبر الغيب والشهادة إلى هذه الحضرة الأحمدية التجانية , والإنخراط في سلك هذه السلسلة المحمدية الربانية فتلقيت هذا الورد العظيم والفضل الجسيم من فريد دهره وحجة أهل عصره وزمزم أوراده وأسراره ومجمع أذكاره وأنواره , شيخي ووالدي العالم العلامة والقدوة الدرّاكة الفهامة خليفة الشيخ التجاني بلا ريب وحامل راية طريقه في بلاد الغرب ألا وهو الشيخ الإمام وأحد الأولياء الجامع بين الشريعة والحقيقة فصار بذا خِرِّيت الطريقة ( الحاج عبد الله بن السيد محمد ) لا يزال ربه الكريم يرقيه إلى المقام الأحمد .
حـلـف الـزمان لـيـأتـيّـن بمثله**** كذبت يمينك يـا زمـان فـكـفِّــر
وربّاني بهذا الورد الأحمدي , وتولّى تربيتي وتعليمي , وقد تلقيت منه بحمد الله فرائد الفوائد وصلات الأذكار والأسرار والعوائد وهو مقدم في الطريقة له الإذن المطلق من أهله وكل شيوخه أجازه وأطلق ...* إلخ كلامه.
ولم يفارق مولانا الشيخ رضي الله عنه منزل والده طيلة حياة الوالد بل كان له أنيساً وجليسا ما غاب عن ناظريه قطُّ إلا لمراجعة دروسه ومذاكرتها . قال في رسالة له إلى كبير أبنائه وثاني خلفائه مولانا الحاج عبد الله إبراهيم رضي الله عنه وأرضاه :
" فلم أبالغ إذا قلت أنّي كنت ولداً باراً وتلميذاً مريداً لم أقِلْ يوماً أو بتُّ ليلة لم يعرف محلِّي أبي ".
وبعد رحيل والده إلى الرفيق الأعلى واصل المسيرة من بعده , فتصدَّر للتدريس والتعليم والإفتاء , وحمل شعلة الإرشاد والتربية ووقف كلّ حياته في سبيل ذلك , فقد عاش رضوان الله عليه سبعة وسبعين سنة – قرناً إلا ربعاً – وكل هذه السنين الطوال قد كرَّسها لله في الله بالله وإلى الله , فدعا إلى سبيل ربه بالحكمة والموعظة الحسنة وجاهد في الله حق جهاده باللسان والجَنان والبيان , وناضل من أجل جعل كلمة الذين كفروا السفلى وكلمة الله هي العليا , وكانت همَّته موجّهة أساساً صوْبَ إصلاح القلوب وإخلاصِها وتهذيبها وشحذِها لأن بصلاح القلوب تصلح الأجساد ويفلح المرء وبفسادها تفسد كما جاء ذلك في الحديث : " ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب " .
والأمــة قصدي فيهـمُ أن أســـوقـهــم****** إلى حضرة الـبـرِّ الـرحـيـم إلـهـنـا
وتعـلم هل في الخلــق أحنى عليهـــمُ****** مـدى الدهـر مـني والبعيـد كما دنـا
ولله درُّ الشاعر الموريتاني الذي حار في أمر هذا الشيخ وأشكل عليه حاله فأنشد يقول :
عـلـيَّ لـبّـسـت حـقــاً أيَّ تــلــبــيـــسِ**** أشيـخ تـربـيـة أم شـيــخ تــدريـــسِ
أنت الـــذي بـكِـلا الـوصـفـيـن متصفٌ**** لله درُّك يـــا عــــــــدوَّ إبـلـــيــــسِ
*** الفيضة التجانية وصاحبها :
جاء في كتاب ( الإفادة الأحمدية لمريد السعادة الأبدية , الصفحة 83) عن شيخنا الشيخ أحمد التِّجاني ما نصه : تأتي فيضة على أصحابي حتى يدخل الناس في طريقنا أفواجاً . تأتي هذه الفيضة والناس في غاية ما يكونون عليه من الضيق والشدة . ثم قال : وكان يعني بهذه الفيضة أنه يفتح على كثير من أصحابه رضي الله عنه وكان يستبعد زمنها ) .
ولم يزل التِّجانيون – على مرِّ العصور – يترقبون ظهور هذه الفيضة التي بشرهم بها الشيخ التِّجاني رضي الله عنه . حتى أن هناك بعضاً مِن أكابر الخلفاء ومقدمي الطريقة مَن آنس في نفسه صلاحاً وولايةً ومقاماً جعله يظن أنه صاحب هذه الفيضة الموعودة لكنه لا يلبث إلا قليلا حتى تتبين له الحقيقة فيتراجع عن دعواه تلك .
ومن هؤلاء الذين ادّعوها : الشيخ عمر الفوتي فقد كان جوابه للعلامة أحمد بن محّم العلوي رضي الله عنه عندما سأله هل أتت هذه الفيضة أم هي باقية ما نصه : وأما الفيضة فأرجو من الله إليكم أن يكون المراد بها أنا العبد الفقير والإمام الفاطمي رضي الله عنه .
ومنهم الشيخ محمد الحافظ بن خير العلوي وهو القائل نظماً :

هـب أنـنـي أنـا الـذي قـد ظـهـــرْ***** مـــن الألــى أمـرهــم قـد اشـتـهـــرْ
وصاحب الفيضة آخــر الـزمان****** وفـائـق الـرجـال فـي عـلـم الـقـرآن
وأفــردني فـي الـثـلاثـيـن سـنـه****** وأيـقـظ الـقـلــوب بـي مـن الــسّــنـه

ومنهم القطب الكبير الحاج عبد الله بن الحاج رضي الله عنه فقد ارتآها لنفسه بعد أن كوشف له عنها , ثم لما دنا أجله ولم تظهر استيقن أنه ليس صاحبها .
وشاء الله تعالى المتفضل المنعم المنان , مانح العوارف والمواهب والإحسان , الفعال لما يريد , المعطي ما شاء لمن شاء كيف شاء وقتما شاء ,
شاء أن تظهر هذه الفيضة في بلد من أقصى الغرب الإفريقي على يد شيخنا الأغر شيخ الإسلام مولانا الشيخ إبراهيم نياس رضي الله عنه . ورحم الله القائل :
لسـتُ مــرتـابـاً في خـلافتك الـشـيْـ***** خَ ولا مُــصــغــيـــــاً إلــى مـــــرتــــابِ
أنـت لـبُّ الـلُّـبـاب مـمّـن يــربِّــي******* وقــلـــيـــلٌ فـي الــنــاس لـبُّ الـلُّــبـــابِ
ولا يخفى عليكم ما كان عليه الناس حينها من تكدّرٍ في الحياة وتشتّتٍ في الأحوال نتيجةً لما كانت تعاني منه الشعوب الإفريقية من وطأة الإستعمار المستبد , ونتيجةً كذلك للحربين العالميتين اللتين نشبتا في أوائل وأواسط القرن الماضي . والحرب كما تعلمون تمزق ما كان مرقعاً وتهدم ما كان مبنيّاً .
وإذا كانت الحرب الأهلية تستطيع أن تتسبّب في تخريب ما يستعصي إعماره وفي إفساد ما يعسر إصلاحه , إذا كانت الحرب الأهلية كذلك فما بالك بالعالمية ؟ لاشك أن ما يعقبها وما يحدث أثنائها من خسائر بشريّة واقتصادية , واضطرابات نفسية أشدُّ وأقسى مما عليه الحال في الحروب الأهلية . وفي كلٍّ شـــرّ .
وصدق الشيخ سيدي أحمد التِّجاني حين قال : تأتي هذه الفيضة والناس في غاية ما يكونون عليه من الضيق والشدة , فأيُّ ضيقٍ وشدة أعظم من فساد الحروب ودمارها وخرابها وأضرارها ؟
قال مولانا الشيخ إبراهيم رضي الله عنه : " قلت قد دخل النّاس في الطريقة أفواجا , ولعلّ نسخ الطرق إذا لم يبق واحدة منها من يصلح للتربية , وقد شوهد في هذا الزمن من الضيق والشدة ما لم يشاهده كثير من الكبار الذين أدركناهم "* .
جاء الشيخ والحال هذه فوجّه دعوة عامة يقول فيها :
وتـأتي قـريبا فيضة الختـم هـيِّـئـوا****** بتفــريغ أغـيـارٍ فتحظى بـمـــوضـــعِ
فـإن الأوانـي قـد مُـلـئــن بغيـرهـا****** ألا فا فـرغـوهـا تـلـتـقــــوا كلَّ أنـفـــعِ
وإنـي أرى من فيضه اليوم فائضٌ****** ولـم يـلـف ذا قـلـبٍ نظـيـفٍ مــوسَّـــعِ
عليكم بحبِّ الختم واسعـوا لذكـره****** فـرادى ومثـنى واسمعـوا كـلَّ مسـمــعِ
عليكم بالاستغفار صلُّـوا وهلِّلــوا****** فــذلـك ســــرّ الـخـتــم غـيـــرُ مـمـنَّــعِ
ولا تبتغـوا في ذكرها نيل عاجلٍ****** ولا آجـــلٍ واسـعــــوا لـمـالـك مـنـفـــعِ
وهذه الدعوة وجهها قبل ظهور الفيضة بأعوام حسب قوله رضي الله عنه .
وقد ألهم الله تعالى أناساً الرشد والصواب , ووفقهم للإصغاء لهذه الدعوة الميمونة ففازوا وسادُوا , وسَمَوْا وشادُوا , وصفت قلوبُهم من الأكدارْ , وتطهّرت نفوسُهم من الأوضارْ , وانزاحت عنهم الغيومُ والرُّيونُ والحجب والأستارْ , فوصلوا إلى حضرة ربِّهم الواحد القهارْ .* وفي ذلك يقول مولانا الشيخ إبراهيم رضي الله عنه : " والذي وقع من كثرة الفتح في أصحاب الشيخ والمعرفة بالله والاستغراق في الله برفض كل ما سواه ما وقع في طريقتنا قط فيما أعلم منذ بروزها إلى يومنا هذا . و : ذلك فضْلُ اللهِ يُؤتيه مَنْ يَشاءُ واللهُ ذو الفضْلِ العَظِيم* .
وقد اعترف له بكونه صاحب الفيضة التِّجانية , أولياءُ زمنه , وأقطاب عصره , ومشايخ الطريقة المعتبرون الموجودون في ذلك الزمن كما صرَّح الشيخ بذلك في كتابه كاشف الإلباس . وإليك زمرة من هـؤلاء الأكابر الأجلاء .
*قال مولانا الشيخ إبراهيم : " قال لي الشيخ الهمام والعارف الإمام السيد عبد الله بن الحاج العلوي : تأتي الفيضة على يدك حقيقة لا مجازاً , وترى من الحسد ما لم ير أحد قبلك , وقال لي :أنت كبير الطريقة التِّجانية في زمنك ....
ثم قال بعد كلام : وممن جزم بوقوع الفيضة التي ذكرها العارف بالله من افتخر بطلعته جيد الزمان , وتحلى بما يزدري حلى الدرّ والمرجان , ويشار له بالولاية العظمى بكلِّ بنان , الفاني في محبة الرحيم الرحمن , وغاص في بحور حضرات خير بني عدنان , وتوّج من أسرار الختم بأحسن التيجان السيِّد محمد بن الشيخ أحمد بن الشيخ محمد الملقب ب : بـدِّ حسّان الطريق
أسـامـي لــم تــزده مــعـــرفـة****** وإنــــمـــا** لـــــــــذة*** كــتــبــنــــاهــــا
ومنهم السيِّد الأجل والعلامة المبجّل صاحب السرِّ الأقدس والمقام الأنفس الخلف بعد السّلف محمد عبد الرحمن بن الحاج العلوي المتقدم الذكر.
ومنهم العلم الأشهر , والبدر المنير الأزهر , والشيخ الأكبر والكبريت الأحمر, من لا يشك اثنان في ولايته لسعة معارفه وصلاحه وروايته ودرايته محمد بن الشيخ أحمد بن الشيخ محمد الحافظ رضي الله عنه ..." اهـ كلامه رضي الله عنه** .
ومنهم القطب الشهير والعارف الكبير ذو العلم الغزير والفضل الوفير , خليفة الشيخ التِّجاني شيخنا الحاج أحمد سكيرج العياشي رضي الله عنه وهو القائل :
شهدت لكم فتحاً مبينا بما لكــــم********* بـه الحـق مـن بيـن الـبـريـة قـد خصَّـا
وإنِّي أرى الشيخ التِّجاني خاتما********* وأنت الذي قد صرت في الخاتم الفصَّا
ورثت عن الشيخ التِّجاني خلافة******** وإنـي لـكــم فـيـهــا أنـص لـكـــم نصـَّا
وقد كانت تجمع شيخنا سكيرج بمولانا الشيخ إبراهيم وشائج وطيدة ورابطة ودٍّ قويّة وعلاقة أخوية متينة دامت سنواتٍ وسنواتٍ لأنها إلهية وما كان لله دام واتّصل. وقد زاره الشيخ مرّة بداره وأنشده قصيدة رائقة الجمال ,* بديعة المنوال , أوردها الشيخ في مجموع رحلاته في الرحلة الحجازية الأولى ومطلعها :
مـا كـنـت تـأمـلــه هـاذاه بشـراكـا******** هـذا خـلـيـفـة قطب الكــون مـــأواكــا
وردّ عليه الشيخ سكيرج بقصيدة مماثلة جاء فيها :
يـا زائـري وبـقـلـبي كـان مثواك********* نسـيـتُ مـنـي يــداً إن كـنـتُ أنسـاكـا
سريت منِّي مسرى الروح من جسدي***** لصـدق حُـبٍّ بـه مـولاك حــابـــاكــا
إلى أن يقول :
والـصـدرُ منك بنـور الحـق منشــرحٌ**** حـتـى بــدا ســـرُّه عـلـى مُـحـيَّـاكـا
*وكانا يتراسلان دائماً , وحكي أن الشيخ إبراهيم عزم مرّة على السفر إلى فاس لزيارة الشيخ أحمد التجاني رضي الله عنه , فورد واردٌ من الحضرة التِّجانية على الشيخ سكيرج إلى الشيخ إبراهيم رضي الله عنه وإليك نصه :
أخِّــرْ قــدومَـك يـا أبـا إسحــاقِ******* يـا وارثــاً ســــِّريَّ بــاسـتـحـقـــاقِ
فالسرُّ لم يحملْه غيرُك في هـنا******* فـأقِــم هنــالك واسـقـهِ يـا ســـاقِــي
وممن اعترفوا لمولانا الشيخ إبراهيم بهذه الفيضة وأثنوا عليه , العالم الكبير والشاعر الخنذيذ السيد محمد عبد الله بن المصطفى العلوي حيث يقول في نونيته :
مـا هـو إلا هـو صـاحـب وقـتــه****** وعـلى يـديـه فـيـضــة التيــجـاني
وإذا عرضت على القرائن حالَه****** فبهـا إلـيـه يـشـيــــر كـلُّ بــنـــان
عجب لـه بحـر تضمّـن أبـحــرا***** من فيـض ربِّ العرش والأكـوان
فمـن الحقـيـقة فـيـه بحـرٌ زاهرٌ****** ومـن الـشـريـعـة فيه بحــرٌ ثــان
للفقه فيه مع الأصول ونحـوها****** وفـــروع كــلٍّ مـنهمـا بـحـــران
وكذا المعاني واللغات وما حوتْـ*** هُ مـن الـبـديـع ومـنـطـقٍ وبـيــان
وضحت براهن ما أقول وإنما**** صدق المقال بواضح الــبــرهــان
لا زالـت الأوقـات منه دائـمـاً**** مـعـمــورةً بـالـذكـــر والــقـــرآن
ويقول الشاعر المتمكن صاحب العبارات الرائعة والقصائد الطنانة السيد محمد عبد الله بن ففا العلوي :
هو الفيض لا يخفى على من تبصَّرا***** فـمـن شـاء يأتيه ومـن شــاء أنكــرا
هي الفيضة الـعـظـمى فـلا مـتـقـدمٌ****** يـحــوم حــوالـيـهــا ولا مـتــأخـــرا
وخصَّ بـه الـمــولى مدينة كـولــخٍ******* فـكـانت لـه دون الـمــدائن مظهــرا
ومظـهـر هــذا الفيض لا شكَّ أنـه******* تـنـال به الأيَّــــام عـــزّاً ومـفـخـــرا
متى تأتها يـومـاً وتـلـمـم بـدارها******* تـرى الأمر من شمس الظهيرة أظهــرا
وغيرهم كثيرون من أصحاب الشهادات , ولو لا خشية الإطالة لذكرنا شهادة كلٍّ منهم جزاهم الله خيراً .
إنتاجاته العلمية :
للشيخ إبراهيم رضي الله عنه تآليف كثيرة ومنتجات علمية جمة شعراً ونثراً , فقد ألَّف في كل العلوم الإسلامية تقريباً وهي من الكثرة بحيث لا يسعنا ذكرها جميعاً في هذه العجالة . وقد سمعت من الأستاذ إبراهيم محمود جوب يقول إنه عـدَّ منها سبعين مؤلَّفاً . وإليكم عيِّنة من هذه المؤلفات على سبيل المثال لا الحصر , فمنها : روح الأدب لما حوى من حكم وأدب وهو في الحكمة وآداب السلوك ,وهو أولُّ كتابٍ له فيما نعلم وقد ألَّفه عندما كان في الحادية والعشرين من عمره , و تبصرة الأنام في أن العلم هو الإمام , و نور البصر في سيرة خير البشر , و كاشف الإلباس عن فيضة الختم أبي العباس في التصوف , و البيان والتبيين عن التجانية والتجانيين , و تنبيه الأذكياء في كون الشيخ التجاني خاتم الأولياء , و رفع الملام عمن رفع وقبض اقتداء بسيد الأنام يثبت فيه سنية القبض في الصلاة وثبوته عن الرسول الكريم عليه أفضل الصلاة وأزكى التسليم , و الحجة البالغة في كون إذاعة القرآن في الراديو سائغة , و سبيل السلام في إبقاء المقام , وجه التحقيق في كون جامع مدينة هو العتيق , و تحفة الأطفال في حقائق الأفعال في الصرف , و مطرب السامعين الناظرين في تاريخ والده الحاج عبد الله وتاريخ آبائه وأجداده .... وله عشرة دواوين في مدح سيد الأولين والآخرين صلى الله عليه وسلم , وديوانان في مدح الشيخ أحمد التجاني رضي الله عنه , وثلاثة دواوين أخرى هي : نوادر الحكم , جلاء الصدور في مدح الشيوخ البدور , الكبريت الأحمر في التوسل بأوائل السور وبحروف الآيات الغرر .

عـلاقــاتــه بشخصيات عصره
وفي إبَّان سفرياته الكثيرة التي جاب فيها الفلوات والفيافي وركب السباسب والآكام , كان رضي الله عنه يجتمع بالزعماء والأمراء ويلتقي بالأئمة والعلماء , فانتسجت بينه وبينهم أواصر المحبَّة والوداد . ومن هؤلاء على سبيل المثال : الرئيس المصري الأسبق " جمال عبد الناصر " , وأمير المملكة السعودية " فيصل بن عبد العزيز " , والملك " الحسن الثاني" ملك المغرب , والرئيس الجزائري السيد " بُو مَدْيَن " , والرئيس السوداني الأسبق " جعفر النميري " , والرئيس النيجيري الجنرال " يعقوب غوون ", والرئيس الغيني " الشيخ تور " , والرئيس المالي " موديبو كيتا ", والرئيس الغاني " كوامي أنكروما ". كما اجتمع بغير هؤلاء من الأعلام* العالمية والشخصيات البارزة مثل رئيس الوزراء الصيني " شوين لاين " , ورئيس يوغاسلافيا " مارشال تيتو ", ورئيس الاتحاد السوفيتي " بري جنيف " . وفي علاقاته مع العلماء كان الشيخ إبراهيم رضي الله عنه صديقاً لشيخ الأزهر الأسبق الشيخ محمود شلتوت ويُقال أنه هو الذي لقّبه بشيخ الإسلام , وشيخنا الشيخ محمد الحافظ التجاني المصري , والشيخ محمد الغزالي , والعالم العلامة أبو الحسن الندوي وغيرهم كُثُر . وهو الإفريقي الوحيد الذي أمَّ الناس في صلاة الجمعة بالجامع الأزهريِّ الشريف بطلب من الشيخ محمد الغزالي رضي الله عنهم*********
* نشاطاته الدعوية وانتقاله إلى الرفيق الأعلى :
كانت لمولانا الشيخ إبراهيم رضي الله عنه نشاطات دعوية عالمية , فهو – كما قال الأستاذ إبراهيم محمود جوب – مواطنٌ عالميٌّ . فقد كان يهتمُّ لما يدور حوله من حوادث وقضايا , ويدلي فيها برأيه . وله في ذلك مواقف جليلة ومشرِّفة من أهمها موقفه حول قضية نقل مقام إبراهيم من مكانه الذي هو فيه الآن عندما أفتى المفتي السعودي بجواز نقل المقام ليتسع المطاف للناس , فنوقش ذلك لدى مقرِّ رابطة العالم الإسلامي - والشيخ عضوٌ مؤسس فيها - فاعترض على ذلك وكان مما قاله أنْ إن كان المقام ملكاً للسعودية فلمفتيها الحق في إصدار فتوىً وطنية لنقله حيث يريدون , أما إن كان للمسلمين فمن الأفضل عدم التعجل حتى يعلموا ما يراه المسلمون . ولم يكتف الشيخ بذلك بل كتب كتاباً يؤكد فيه استمساكه برأيه وهو " سبيل السلام في إبقاء المقام " . وفعلا بقي المقام مكانه بفضل الشيخ إبراهيم رضي الله عنه . ومنها أيضا موقفه الجريء مع العلامة الشيخ أبو زهرة عندما نفى الأخير وجود ملكية رقبةٍ أو استرقاق للإنسان في الإسلام , واستشهد بقوله تعالى " حتى إذا أثخنتموهم فشدوا الوثاق فإما منّا بعد وإما فداء ..." وإليك نص ما قاله مولانا الشيخ إبراهيم مقتطفاً من شريطٍ مسجل لمحاضرة ألقاها الأستاذ إبراهيم محمود جوب بمدينة كَنو النيجيرية . مع تصرفٍ طفيف قال الشيخ إبراهيم رضي الله عنه : اليوم تتعجبون لأن أبيض منا ينفي الرِّقية ويأتي أسود ليثبتها ولكن هذا دليل على أننا ندور مع الحق كيفما دار , إن قصدت أن الإسلام يحترم الإنسان فنعم , وأنه لا ينبغي أن يُستغل الإنسان رغم أنفه نعم ... إلى أن قال له : أما إن نفيت أصل الحكم فسنحذف آياتٍ وأحكاما من الكتب . الآية التي سقتها يا فضيلة الشيخ لتنفي هي هي التي تثبت الحكم , لأنك قلت فإما منّا بعد وإما فداء ولكن أنسيت أن كلا من المنِّ والفداء أو البيع لا يصح إلا بعد ثبوت الملكية . المرء لا يهب ما لا يملك ولا يبيع ما لا يملك .*
وهكذا عاش الشيخ إبراهيم رضي الله عنه مدافعاً عن الحق , ورافعاً للواء السنة المحمدية المطهرة على صاحبها أفضل الصلاة وأتم التسليم , وعلى هذا الأساس جاب البلاد شرقاً وغرباً ميمنةً وميسرةً يقول رضي الله عنه :
فغادرتُ أوطاني وأهلي وأسرتي****** أجـــوب الفـلا لـم أشكُ قـط كـــلالا
إلى أن يقول :
عـلـوتُ البحارَ الزاخراتِ وإنّني***** علوتُ القـرى والمُدْنَ بله الـجـبـــالا
أروم رِضى الباري لنصرة دينه***** وأبـــرز لـلـجـيــل الـجـديـد مـثـــالا
وعلى هذا الأساس أيضاً انخرط في الروابط والجمعيات في جميع أصقاع العالم الإسلامي فكان عضواً مؤسسا في رابطة العالم الإسلامي و وعضواً في المجلس الأعلى للشئون الإسلامية – لجنة الدعوة – وهو الذي أشار على الرئيس جمال عبد الناصر بإنشائه , وعضواً في مؤتمر مجمع البحوث الإسلامية , ونائباً لرئيس* منظمة المؤتمر الإسلامي العالمي , وعضواً في جمعية الجامعات الإسلامية , ورئيساً للإتحاد الإسلامي الإفريقي وعضواً في المجلس الإسلامي بالجزائر , ورئيساً مؤسِّساً للمجلس الأعلى الإسلامي بالسنغال . وفي غير هذه من المنظمات والروابط والجمعيات وغرضه من وراء ذلك كلِّه خدمة الإسلام ونصرة المسلمين , وحبّاً في رسول الله صلى الله عليه وسلم كما صرَّح بذلك أكثر من مرة رضي الله عنه . كان مقتدياً برسول الله صلى الله عليه وسلم في كلِّ أقواله وأفعاله وأحواله , فهو القائل:
فإن حــاد عن نهــج الـرسـول فـإنني****** على نهجـه مـا عشتُ فهــو حـمـيـدُ
أســيــــرُ غـــــرامٍ لا أزال مـتـيَّـمـاً******* وعـن نهـج خـيـر الـخلق لست أحيدُ
إذا سـارَ خيرُ النَّاس ســرتُ وراءه******* وإن حـلَّ يـومـاً فالـمـسـيـــرُ بـعـيــدُ
ويقول في كتابه رسالة التوبة : وليشهد الثقلان أننا بحبل السنة المحمدية مستمسكون , وإلى نهج سيد الأولين والآخرين منتسبون , وعلى ضوء تعاليمه سائرون , وفى هديه العاصم من القواصم متنافسون .
وليست هذه الأقوال مجرد شعاراتٍ تُطلق , وإنما هي حقيقة مشاهدة وواقعٌ معاش وقد شهد له كلُّ من عاصره بحبِّه للرسول صلى الله عليه وسلَّم واقتدائه به ومبالغته في مدحه والثناء عليه , يقول مادحه:
لـســانُ حــالِ أبـي إسـحــاق قـد قــــالا** أنـفـقْ ولا تـخـش مـن ذي الـعـرش إقــــــلالا
وفــــيــــه لا عــيــــب إلا أنــه رجـــــلٌ***** يـحــكـــي مـحـمَّـــــداً أقـــــــوالاً وأفـعـــــــالا
بهذا نشأ , وعليه درج , وله عمل , وإليه دعا ونادى . اسمعه وهو يقول :
تـمـسَّـك بـأذيـــال الـنـبـيِّ مـتـابـعــاً****** مــــــذاهــبـــــــه والـمـحــدثـــاتُ فـــلا لا
فتُغنيك عـن دستــور كُرْزٍ وخـالــدٍ****** وتغنيك عـــــن جُـــــونٍ يــــروم مُـحـــالا
فما* نَـابَـلْـيُـونٌ* أو* لَـنِـينٌ ومَرْكَسٌ***** بـمـوحىً إلـيـهـــم خــــــلِّ عـنــك خـبـــالا
كـتــابٌ مـن الله الـجـلـيــل جـلالـه******** قــديـــمٌ وبـــــــاقٍ لا يــخـــــافُ زوالا
تـلاهُ الـفتـى المأمونُ جهراً ويقظةً******** فـــدعْ بـعــد هــذا كـــلَّ قـيــل وقــــالا
ودام على هذا حتى وافته المنية عـام ألفٍ وثلاثمائة وخمسةٍ وتسعين ( 1395 هـ ) بلندن ودفن بمدينته في كولخ المحروسة وراء مسجده الجامع المبارك.
اللهم أغدق عليه شآبيب رحمتك وأسكنه من الفردوس أعلاه ونوِّر ضريحه وطيِّب ثراه . وأفض اللهم علينا من بركاته وأمتنا على محبَّته واحشرنا في زمرته واجعل هذا العبيد الحقير الجاني – كاتب هذه السطور - من خاصة خاصة تلامذته إنك على كل شيء قدير وبالإجابة جدير .
خاتمـة :
بهذا القدر نكتفي ونأتي إلى ختام هذا النبذة اليسيرة عن الشيخ إبراهيم , وقد كنا نودّ كما قلنا ذلك في مقدمة هذا البحث أن نتتبّع ما كتبه عنه خلفاؤه الكرام , ولكن علمنا أننا لو سبحنا في عرصات تلك الكتب فأرسلنا النفس على سجيتها وأطلقنا لها العنان , لربما تحوَّل هذا البحث إلى كتاب , فعزفنا عن تلك الفكرة واعتمدنا فيما نكتب على ما في ذاكرتنا مما سبق أن استمعنا إليه أو طالعناه من كتب أولئك الخلفاء الفضلاء , وعلى كتاب الشيخ إبراهيم رضي الله عنه كاشف الإلباس* .
وأعتذر مما عسى أن يكون قد اعتراني في كتابة هذا البحث من عجزٍ وقصور, وما ذاك بمستغربٍ من شابّ إفريقيٍّ ابن واحد وعشرين سنة , قليلٌ هو رصيده من المعرفة , لكن :
ولـبـنـي إحـــدى وعشـريــن ســـنــــة****** مـعــذرةٌ مـــقـــبـــــولــــةٌ مــسـتـحـسـنــــــة

ولو لم يكن من وراء هذا إلا شرف المحاولة والتشبّه بالأسلاف الصالحين لكفى.
فـتـشـبـهـــوا إن لــم تـكــونـوا مـثـلـهــــم********* إن الـتَّـشـبـــه بـالــكــــــــرام فـــــــــــــلاح
* ونختتم ببعض الأبيات التي قيلت في مدح هذا الشيخ لتكون مسك الختام :
يقول الخليفة المعظم سيد الشعراء وأمير المصاقع البلغاء الشيخان مـنَّ آب في قصيدة له يمدح بها الشيخ :
وإن تـســلُ الـخـلـيـلـة عـنـك يـوماً******* تـســلَّ عـن الـخـلـيـلــة بـالـخـلــيــــلِ
سميِّ خليل ربِّ الـعــرش مَـن مِـن******* شمائله اشـتـقــــــاقُ اســـمِ الـخـلـيــلِ
فــإن تـطـلب إلى الـمــولى دلـيــلاً******* فــحـسـبــك بـالخـليـل مـن الــدلـيــــلِ
وإن تبغ الـوصـول فـصِـــلْ إلـيـه******** فـحـسـبــك إن تـصلـه من الـوصــولِ
به ركــن الحقيقة قــام مــن بـعــ******** دمـا أشــفــــى بـنـــاهُ إلـى الـمــمـــيـــلِ
عـلــوم الشرع حــاز ومـا لــديـه******** مـن الـمـعـقـــول مـعـجــزة الـعـقـــولِ
فـمـا تــأتـي الـنـقــول بـمـا لـديـه******* مـن الـســـرِّ الـمـصـون عـن الـنقــــولِ
أصــول العلــم تؤخـذ مـن يـديـه******* وهــل تـغـنـي الـفـروع عـن الأصـــولِ
أديـبٌ فـي مـجـالـســه مـهـيـــبٌ******* جـمـيــــلٌ دأبـــه صـنـــع الــجــمــيــــلِ
إلى أن يقول :
رأيــنــا الـشـمــس تـأفــل كلَّ يـومٍ****** ولـيــس لـشـمــس هـديـك مـن أفـــــــولِ
فـمــن يـعـلــمْ رجـال الـحـق يـعـلمْ***** بـأنَّـك مــن أكــابـــــرهــــــا الـفـحـــــولِ
ويقول في قصيدةٍ أخرى :
وبـه الـديــن جــدَّ بـعــد انــدراسٍ****** والـتـبـــــاسٍ وحُــــــرِّر الأحــكــــــامُ
لـيـتـنـي أسـمـــع الأذان وآتــــــي***** وعـلـى الــبــاب للـدّخـول ازدحـــــــامُ
وإذا بـالحـبـيـب يـمـشـي الـهُـوينا***** تــقــتـــفـــيــــه أئـــمـــــــة أعــــــــلامُ
لــم يــزل مـقـبــلاً إلـيـه فـمـهـمـا***** دخــل الـمـسـجــد الـصــــلاةُ تُــقــــــامُ

حتى يقـول :
ذو المقـام الـذي تسـامى إلى أن****** بــلــــــغ الـــغـــايــــة الـتـي لا تُـــــرامُ
ليس يــدري مقـامَـه غيـرُه بـل****** مـنـه حـتـى عـن الـمـقـــــام اكـتـــتــــامُ
لا مـقــامٌ مـن الـمـقـامــات إلا****** ولــه بـالــحــقـــــــوق مـنــه قـــيـــــــامُ
وبـــه لـلـبـطــون كـان ابتداءٌ******* وبــه لـلـظــهــــــور كـــــان تــمـــــــامُ
وبـه العلـمُ قد نشـا في البرايا******* وفــشــا في الـمـــدائــــن الإســـــــــلامُ
وللشاعر المفلق مادح الشيخ إبراهيم وحبيبه السيِّد محمد عبد الله بن السيِّد العلوي في إحدى قصائده التي يثني بها على الشيخ :
مـا أتـينـا بمـدحـه غيـر أنــا************ عـن حمـاه ووصفـه لـن نـحـيــدا
حـيـث أنـا نجـول فيه التذاذا*********** وعــــــلاهُ يـمـــــدّنا أن نُـجـيــــدا
فهـــو الشيخ إن تأملت علماً********* وهــو الـشـيــخ إن تـأمـلـت جـــودا
وهــو الشيخ إن تأملت حجاً******** وهــو الـشـيــخ إن تــأمـلـت عـيـــدا
وهو الشيخ إن رأيت وقوفاً******* وهــو الــشــيــخ إن رأيــت قـعــــودا
وهو الشيخ إن رأيت ركوعاً***** وهـــو الـشـيــخ إن نـظـرت سجــودا
وهو الشيخ إن نظرت هبوطاً**** وهــو الـشـيــخ إن نـظـرت صعــودا
وهو الشيخ إن شكوت حجاباً****** قـلـب الـشــكَّ فــي الإلـــه شـهــــودا
وهو الشيخ إن تـجـئـه لعلـــمٍ****** نـلـت مـنــه كـــفـــايــة ومــــزيــــدا
وهو الشيخ إن تـرده لــنــــالٍ***** حــزت جــــزلا ثـمـــانـةً وعــديـــدا
إن تُـوفـق لحـبـه فــزت فوزاً***** ولــزمــت الهــدى وكـنـت السعـيــدا
وللعالم العلاّمة من وصفه الشيخ بأنه جـرَّ ذيل النسيان على الفرزدق وجرير محمد عبد الله بن المصطفى من قصيدة له يقرظ بها كتاب الشيخ كاشف الإلباس , جاء فيها :
وفــوق مـقــام الـفـــرقــديــن مــقـــامُــــه***** ولـم تحصـل الـجــوزاءُ منه عـلـى الـلَّـمــس
مـقــامــات أقـطــاب الـبـــريَّـة رامــهــــا**** فـأقـعــده الـرحـمــن منهـا عـلـى الـكـــرسـي
خــديـــم أبــي الـعـبَّــاس حــائــز ســــرِّه****** ووارثــه فـيـضــاً عـلـى الـعــيــن والــرأس
فـمـا زدتـنـا عـلــمــاً بـمــا هـــو أهــلـــه***** ولـكـنـمــا الـبــرهــان أشـهــى إلى الـنـفــس
فـلـم تبصــر الأبـصــار مـثـلـك دفـتـــراً***** ولا خـطـت الأقـــلامُ مـثـلـك فـي طـــــرس
فـفـيـك إفـــــاداتٌ تـكــــون مــفــيــــــدة**** لـمـن كــان ذا مـيــلٍ إلـى مـجـلــس الـدَّرس
وفـيـك حـكـــايــات يـلـــذ ســمـــاعـهــا**** لــدى مـن لــه مـيـــلٌ إلــى حـضـرة الـقـدس
فـلــم أر تـقــريـظـــاً بـحـقـك وافــيـــــاً******* ولـو لـزهـيــرٍ كـــان أو لامـــــرئ الـقـيــس
ولا لـلـبـيــدٍ مـطـمـــعٌ فـي الــوفـــا بـه****** ولا مـطـمـــعٌ فـيـه لــعــنـتــرة الــعـــبْـــسـي
وله أيضاً في واويته التي يثني بها على مدينة الشيخ ومسجدها الجامع والتي مطلعها :
أمـسـجــد إبــراهـيـــم أسِّــس بـالتَّـقـــوى**** وأرضـك لا تــأثـيــم فـيـهــــا ولا لــغــــــوا
*وفيها يقول :
نـزلـنـا بـهـا والـحــال ذات تـكـــدّرٍ***** فـصــار الـذي نـلـقــاه مـن كــدرٍ صــفــــوا
ومـن خـلـفـاء الشيخ فيهـا خـلـيـفـة***** مـدى الـدهــر لم يُــدرك لــه مُـــدركٌ شــأوا
يـديـر عـلى شـربٍ كئوس مـحـبَّـةٍ***** ولا سُـكـر عـنـد ذاك مـنـهــم ولا صـحــــوا
إلى أن يقول :
عـلـيـك بشيـخ الـقـوم واسلـك سبيله****** ولا تـنــحُ إلا مــا يـكـــون لـه نـــحــــوا
بـدتْ من أبي العباس فيه خـــلافـة******* قـفــا أمــرهُ فـي كــلِّ مـسـئـلـةٍ قــفــــوا
فـأصـحـابـه يـمـلي عليهـم معارفـاً******* ويـمـلـؤهـم فــقـهـــاً ويـمـلـؤهـم نـحــوا
ومن كان هـذا في البـريَّـة وصفـه****** فـمـا مثله فـي الـنَّـاس يــومـاً ولا عــدوا
هنا ننيخ راحلة القلم ونترك المجال للآخرين كي يدلوا بدلائهم ويقوموا بأدوارهم
جعلنا الله وإيَّاكم من الفائزين بحبِّه السعداء بصحبته آمين .
اللهم صل على سيِّدنا محمد الفاتح لما أغلق والخاتم لما سبق ناصر الحق بالحق والهادي إلى صراطك المستقيم وعلى آله حق قدره ومقداره* العظيم* .
كتبه الطالب : الشيخ إبراهيم بن البشير علي سيس
الأمين الثقافي لرابطة أنصار الدين – فرع مصر -*
القاهرة 12 \ 11 \ 2009 م







رد مع اقتباس
قديم 12-27-2016, 09:34 AM رقم المشاركة : 2
معلومات العضو

إحصائية العضو





 

taha2013 غير متواجد حالياً

 


شكراً: 0
تم شكره مرة واحدة في مشاركة واحدة
كاتب الموضوع : البدوي المنتدى : الفيضة التجانية
افتراضي

لا اله الا الله
ما احلى الجلوس للاستماع لاحوال اهل الله
الفاتحة لاحباب الطريقة التجانية وشيوخها
ولكل محب للمصلحين والصالحين







رد مع اقتباس
قديم 12-27-2016, 09:34 AM رقم المشاركة : 3
معلومات العضو

إحصائية العضو





 

taha2013 غير متواجد حالياً

 


شكراً: 0
تم شكره مرة واحدة في مشاركة واحدة
كاتب الموضوع : البدوي المنتدى : الفيضة التجانية
افتراضي

لا اله الا الله
ما احلى الجلوس للاستماع لاحوال اهل الله
الفاتحة لاحباب الطريقة التجانية وشيوخها
ولكل محب للمصلحين والصالحين







رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
بـلـمـحـاتٍ, حـيـاة, الـعـشَّـاق, أبـي, إسـحـاق, إمـتـاع, مـن

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


Loading...

Flag Counter

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
  تصميم علاء الفاتك
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 12 13 14 16 17 18 19 20 21 22 23 24 26 27 28 29 30 31 34 35 36 37 38 39 41 42 43 44 46 53 54 57 58 59 62 63 64 66 67 70 71 72 73 74 75 77 78 79 80 81 82 83 84 85 86 87 88 89 90 91 92 93 94 95 96 97