يقول السيد محمد مهدي آل خزام الصيادي الرفاعي الشهير بالرواس قدس الله روحه ورضي الله عنه:
هذه الهمزية نشأت عن هزَة أمر صرفت حضرة القلب, إلى الإنمحاق بمراقبة الرب,وأخذت بالروح
إلى حضيرة الإتباع المحمدي, على المشرب الأسعد الأحمدي, فقلت وبالله المستعان, وعليه التكلان:
هذا الوجود على مجلاك إيماء = وفي العما من سنا معناك أضواءُ
قامت بسرك من آيات أمرك في = عوالم الكون أسرار وآلاءُ
ما مس قابسة الأنوار بارقة = إلا ومنك لها شأن وإبداءُ
ولا تلجلجت الأجساد في نفس = إلا وأفرغ فيه منك إحياء
مظاهر الحضرات انجاب حندسها = بشمس قدسك عنها فهي بلجاء
سران ما اعجب التفريق بينهما = هما دليلان إحياء وإفناء
كشف وطمس بمعراج التدبر من = كونيهما قام إبراز وإمحاء
والقبض والبسط من تصريف طورهما = في عالم الخلق منع ثم إعطاء
والخلق والأمر قاما والمدار على = ما دار بينهما وضع وإعلاء
سرادق في فجاج العلم قد نصبت = وسار في كلهن السين والراء
حتى اذا شمخت بالأفق قبته = وكفكف الأرض تكوير وادحاء
وصيغ آدم بالصنع القديم كما = أقيم وازداج منه الطين والماء
تعلق النور فيه من طوى جبل = ما مس موسى به في الطور إغشاء
مقدس صين في كنزية سبحت = ببحر نور اذ الآثار ظلماء
ومذ جرى ضمن ذاك الهيكل انبجست = له علوم وأفهام وأسماء
فكان مضمون كنز من تشعبه = قامت شؤون وقال الناس ما شاؤوا
جهل وعلم وكل الناس طائفة = بالجهل والعلم اموات وأحياء
تنوعت من نكات الكون اقضية = والحكم فيها أفانين وآراء
هذا الى الحق يمشي لا على مهل = وذاك بالزور والبهتان مشاء
ياحيرة غلبت قوما وغيل بهم = وفي العقول دواء الداء والداء
نعم عقول الورى في الوضع عاجزة = ففي نقابيه اضلال واهداء
وفي رقيق نسيج الإختيار على = نول المواهب حكم العدل قضَاء
لذا إليك صدور الرسل أجمعهم = بما عرفناك يارب العلى باؤوا
موج تدفق من نشأ البروز الى = ألباب قوم فإلهام وإيحاء
فشق صخر قلوب حين فاض لها = وما خلاها ببحت الوضع صماء
فدقها وارد الانذار فانكشفت = بالقبضتين فخلان وأعداء
حنت لواردها من حيث موردها = قلوب سفار قوم بعد ما جاؤوا
طريقتان انجلى مضمار حالهما = فتلك سوداء والأخرى فبيضاء
هذا الكتاب الذي جاء البشير به = محجة في طريق الله سمحاء
أبدى رموزا من الأسرار غامضة = ما فك مغلاقها إلا الألباء
طوت خوارقه آيات معرفة = من نشرها لقباب الغيب إسراء
جلت فنونا فأدلت من تنزلها = ضوءا به مقلة المبعود عمياء
ما بين أحرفه في نظم سبكتها = ووصلها الأشطب الصمصام فراء
تضمن العلم تفصيلا وأجمله = كما تضمن عين النقطة الباء
وغاص طمطامه علما وفسره = محمد(ص) واتانا منه إنباء
كأن دنيا الورى أعوامها سنة = وكلها بعد ما قد جاء شهباء
أفنى جموعا بسيف العدل فهو إذا = إفناء ظلم به للعدل إبقاء
أدار من كأس حم الغيوب على = أهل الرضا ما حماه الميم والحاء
معتق من زوايا القدس تعصره = يد الرسالة ما شابته صهباء
بورده والتنحي عند طالعة = فيها من الأمر إسعاد وإشقاء
اذا روى نقلها المنصوص راوية = أعانه من شروق الفتح إلقاء
يطوف من حاله في قلب عارفه = روح الجحود ووجه الخبل حرباء
في الدهر من شأنه شأن يحوله = وعن ضياء الضحى للعمش إغضاء
معنى نهار وليل دورهما = من قابض الحكم أطراف وآناء
توالجا فأقام السر بينهما = فواصلا هي اظلام وإيضاء
ماجاء في نشأة الإثبات آدمها = إلا لها ولهذا السر حواء
بيان غمض بممتد الرقائق من = علم الرسول وهل للسطر قراء
يا أمة جحدت برهان حجته = كأنها أمة بكماء صماء
هذا هو الحق لا ند يعدده = وفي التعدد عدوان وإجفاء
يعدد الحق بهتانا أخو سفه = وعينه بانحراف المس حولاء
لو ناصفت سمة الانصاف أفئدة = منهم لما غالها جحد وبغضاء
إن البراهين لا تخفى على درب = إن لم يخطئه في مسراه أقذاء
سمط المعاني على منظوم جوهره = تخالفت باختلاف الفهم أهواء
وقائل الحق لم تقلب حقيقته = وإن ترنم بالتبديل ورقاء
سر تكاتمه أهل القلوب فخذ = منه الرموز وما للسر إفشاء
الفرق بين نماط الجمع متسق = والجمع يشهده لطف وإنطاء
يسفه الحق سفا ثم يرجعه = فرقا وفي الامر تجريد وإكساء
وأين تجتمع الأحداث في قدم = من ذاته فيه تنزيل وإعلاء
قامت على صور الآثار حاكمة = من قدسه غارة للفرق شعواء
تبارك الله لا عهد يغيره = ولا يماثله في الوصف أشياء
فرد قديم عظيم واحد أحد = له صفات قديمات وأسماء
منزه عن سمات الحادثات ففي = طور الحدوث انتقالات وإبلاء
وفي الجهات انحياز وهو جل فلا = ينحاز والحيث للمنحاز أرجاء
تدبر الأمر والتكييف مزلقة = ملساء فيها من الشيطان إغواء
فدن بدين تهامي شريعته = نور وليس لنور الله إطفاء
وازو الهوى عنك مغموسا بسنته = فللهوى من بني الدنيا أرقاء
وذل لله إن تسلك طريقته = ففي الحضور الأذلاء الأعزاء
وجد واجهد ولا تنظر لماشية = في الدرب حذف كراعيها المطيطاء
فأمهات الفعال السيئات لها = من عبء أبنائها الأخلاط آباء
وخذ إذا ما توسدت الثرى عملا = يكون خلا اذا انحاز الأخلاء
وقف على الباب مخفوض الجناح وكن = عبدا ومنك لقلب الوهم إدماء
قد حاول الجمع أقوام فأرجعهم = موتى وهم بطنين الظن أحياء
فالعارفون بباب الفرق موقفهم = والأنبياء العرانين الأجلاء
قال اتحادا أناس والحلول حكوا = والكل صدمتهم في الدين دهماء
لو حل فيهم على فرض المحال لما = منهم تحلل بالتحويل أجزاء
رواشق الجهل من شيطان أنفسهم = للصد منهم تلقتها السويداء
قالوا سلكنا طريقا لا اعوجاج به = وفيه قنطرة بالشرك حدباء
دع عنك ما انتحلوه من زخارفهم = وافطن فسانحة التوفيق خلصاء
يلب منها بعنق العبد جوهرة = يتيمة من عقود الفتح عصماء
واسلك طريق الرفاعي الإمام فقد = وافى به حضرة القرب الأحباء
مهذب مذهب الحق استقر به = وكاد يهدمه القوم الأشراء
دعا الى الله عن علم فجاوبه = بقسمة الغيب آباء وأبناء
وسد كل طريق لا دخول له = على الرسول فأم الغي خنساء
وكم قلوب طمت فيها الكدورة مذ = أمته أم بها لله اصفاء
قد قوم الله اعوجاج الطريق به = وليس في طرق السادات عوجاء
أجل تدلس بطلانا بموكبهم = قوم وأهل الحمى زهر أحقاء
وأحمد الأولياء الغر أحمدهم = وفحلهم إن ثنى الأبطال هيجاء
شق القلوب بموسى الشرع فانبجست = درا وهاهي قبل الشق حصباء
طاش العقنقل في ميدان حكمته = على أولي الزور حتى رهبة فاؤوا
وجاءهم ببراهين خوارقها = كالمعجزات لها في الكون إمضاء
لكل شأن من التحقيق عن جسد = تقليد نمط وللتحقيق ضوضاء
قد أمطر الخب للرائين سابحة = وهل لها من رقيق الأفق أنواء
شأن الرفاعي في معراج مظهره = له سمو وللأتباع أسماء
تحت العجاج مكينا قام اذ كثرت = للطارقين بقفر الحي غوغاء
كالطود ما هزه الإدلال في زمن = وللفحول مع الإدلال إرغاء
ضاهى نسيم الصبا لطفا ومهجته = في الله من طارق الأحوال حراء
كأنه أعجز الركبان حين يرى = وكم به سبق السباق عرجاء
أبوه من مشرق الزوراء شمس هدى = جرت لمغربها والسير إسراء
حتى استقرت بكن الكاظمية في = مضمار نور جلته قبل أبواء
قد قوما قوس بغداد أجل فهما = لولاهما مقلة الزوراء زوراء
وعنهما من أبي العباس قام فتى = هو الضمير الذي يعنى له الهاء
فاضت عوارفه الملك فابتهجت = بفيضه الجم أقطار وأنحاء
روح البتول طوت في نشر هيكله = حالا علامته في الآل زهراء
وعاهدته يد الهادي على سنن = زمامه ما به للكون إرخاء
فكم به سترت في الكون فادحة = وكم به كشفت بالله جلاء
جحاجح السادة الأقطاب غايتهم = لها لدى بدئه في السير إبداء
خل الدعاوى على حرف تجد بهم = شمسا كواكبها هم أينما ضاؤوا
برهانه حجة في السلك قاطعة = فيها من القطع والابعاد إبقاء
طريق من حاد عنها كلها غصص = بها العويصاء تتلوها العويصاء
رموز علم جلاها بعد أن كسيت = طمسا ودلت بمجلاها الأدلاء
أقلام حكمته في جفرها نقشت = كشفا له من مداد القدس إجزاء
تغلغلت في كنوز السر فانكشفت = بها فنون لها الأهل الأقلاء
سرى بها واحدا فردا ورايته = في أول الموكب القدسي خضراء
وجاب ظلمة أوهام الشكوك وما = لحزب أتباعه في القوم أكفاء
وبيضت جبهة الدنيا مناقبه = وما لها إن يرام العد إحصاء
رقائق السر من آيات همته = لها ببطن ضمير الكون إدلاء
كأنما داره في كل بادية = ومن جلالته في الحي فيفاء
تجلي لأهل المعاني من حقائقه = عروس حال من العرفان عذراء
عليه رضوان رب العرش ما لمعت =شمس وما عاقب الإصباح إمساء