عرض مشاركة واحدة
قديم 03-11-2018, 01:31 PM رقم المشاركة : 27
معلومات العضو
عضو

إحصائية العضو





 

الرفاعي غير متواجد حالياً

 


شكراً: 8
تم شكره 9 مرة في 9 مشاركة
كاتب الموضوع : الرفاعي المنتدى : رواق المكتبة
افتراضي

فلما آن أوان ظهور جسمانيته صلى الله عليه وسلم إلى الوجود نبت غصن وجوده مستقيما قويما، فلما ثبت أصله، ونبت فرعه، ناداه متولي سياسته: " فاستقم كما أمرت "، فكانت صفته صلى الله عليه وسلم الاستقامة، ومقامه دار المقامة، فلما استقام رحل عن الكونين، ولما أقام نقل من مقام إلى مقام، حتى استقر به المنزل فأقام.

فالمقام الأول: مقام الوجود في الدنيا، وهو قوله تعالى: " يا أيها المدثر * قم فأنذر "، والمقام الثاني: المقام المحمود في الآخرة، وهو قوله تعالى: " عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا "، والمقام الثالث: مقام الخلود في الجنة، وهو قوله تعالى: " الذي أحلنا دار المقامة من فضله "، والمقام الرابع: المقام المشهود، مقام قاب قوسين لرؤية المعبود " ثم دنا فتدلى فكان قاب قوسين أو أدنى "... الآية.

فهو المخصوص بالدنو والعلو والشهود، إذ كان هو المقصود من كل الوجود، لأن الوجود لما كان شجرة كان هو ثمرتها، وكان هو جوهرتها، فالشجرة المثمرة إنما تثمر بالحبة التي ينبت بها أصلها، فإذا غرست تلك الحبة وغُذيت وربيت حتى نبتت وفرعت وأورقت واهتزت وأثمرت، فإذا نظرت تلك الشجرة رأيتها في تلك الحبة التي نبت منها هذه الشجرة، فالحبة في البداية نطفة حتى أظهرت صورة الشجرة، والشجرة في النهاية بها ظهرت، فأظهرت صورة تلك الحبة.

فكذلك بطونه صلى الله عليه وسلم في المعنى في السابق، واختفاؤه وظهوره في الصورة في اللاحق واشتهاره، وهو معنى قوله صلى الله عليه وسلم: " كنت نبيا وآدم بين الماء والطين "، فكان هو مظهر معنى هذه الشجرة، وهو مظهر صورته صلى الله عليه وسلم، فما برح بلسان القدم مذكورا، وفي طي العدم منشورا.

وما مثال ذلك إلا مثال تاجر عمد إلى فِرَاشِهِ وبَزِّهِ، فطواه في خزانة ملكه، وعباه أثوابا بعضها فوق بعض، فأول ثوب دمجه وطواه، هو آخر ثوب أظهره وأبداه، كذلك سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم كان أولا لكل وجودا، وآخرهم ظهورا وخروجا.






رد مع اقتباس
 
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 12 13 14 16 17 18 19 20 21 22 23 24 26 27 28 29 30 31 34 35 36 37 38 39 41 42 43 44 46 53 54 57 58 59 62 63 64 66 67 70 71 72 73 74 75 77 78 79 80 81 82 83 84 85 86 87 88 89 90 91 92 93 94 95 96 97