الموضوع: بوارق الحقائق
عرض مشاركة واحدة
قديم 01-18-2019, 07:59 AM رقم المشاركة : 103
معلومات العضو
عضو

إحصائية العضو





 

الرفاعي غير متواجد حالياً

 


شكراً: 8
تم شكره 9 مرة في 9 مشاركة
كاتب الموضوع : الرفاعي المنتدى : رواق الطريقة الرفاعية
افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم
ــــــــــــــــ

قال شيخنا إمام طوائف أهل الحضرات، شيخ الدوائر الغوث الأكبر السيد أحمد الرفاعي رضي الله عنه وعنا به ونفعنا بعلومه:


أشرف ما تنعطف إليه الهمم، قرب القلب من الله تعالى، وذلك دوام الذكر، وهو المعبَّر عنه بالحضور، وهذا سُلَّم الولاية، والولاية أجلّ المعاريج، وأعظم المقامات بعد النبوة، إذ لا سبيل للأولياء والصديقين على مراتب الأنبياء والمرسلين؛ لأنها لا تحصل بالعمل قطعاً؛ ومنزلة الولاية منزلة الوهب، وتحصل بالعمل، قال الله تعالى: ((والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا)). والنبي الأعظم صلى الله عليه وسلم قال: (من عمل بما يعلم، ورثه الله علم ما لم يعلم) ولا يصل العبد إلى مقام الولاية الكاملة إلا إذا كمل عقله، وعلت همته، وصح صدقه، وتم اتِّباعه في الأقوال والأفعال للنبي صلى الله عليه وسلم؛ لأن مرتبة الولاية ينوب صاحبها عن النبي صلى الله عليه وسلم في الأمة، ولا يعد الرجل عند أهل الكمال كاملا إلا إذا بلغ عقله الإحاطة بجميع شُبَه الزنادقة والملحدين مع فهم سوابحها، وغاية خبطها، وتمكن إيمانه من إهمالها ومحوها، وقَدَرَ على دفعها بسلطان الحجة الشرعية، وبرهان الحكمة المحمدية.

ولا يكمل حتى يبلغ عمله الإحاطة بشؤونات اللصوص، والسكارى، والظلمة، وقطاع الطرق، وأهل الغدر و والخدعة، والدهاء والحيلة، ومصادر همتهم ومنتهاها في مفازات أطوارهم مع كل شكل ونوع، مع التيقظ والمحاسبة للنفس مع كل نفس، فلا يندلس فيها وصف من تلك الأوصاف الذميمة، وتكون له القدرة على تطهير تلك النفوس الأمارة المشوبة بهاتيك المصائب القاطعة، لينوب عن نبيه في مقام الإرشاد المحض؛ فإنه (صلى الله عليه وسلم) ما ترك خصلة ذميمة إلا وحذَّر الأُمة منها، ولا ترك خصلة كريمة إلا وأمر الأمة باقتنائها.

ولا يكمل الرجل حتى يبلغ عقله الإحاطة بحكم المعايب كلها، لينبه عنها، وبالمحاسن كلها ليقرب منها بالحكمة السليمة، والموعظة الحسنة، عملاً بقول الله تعالى لسيد خلقه عليه صلاة الله وسلامه: ((أدع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة)).

ولا يكمل عقله حتى يبلغ الإحاطة بمذاهب أهل الدنيا دهاقنتهم، وحكامهم، وتجارهم، والطبقة السفلى منهم، مع الزهد فيهم وفى دنياهم، فلو صارت له الدنيا بيضة وجعلت ملكاً له ثم سقطت منه فانكسرت وذهبت وكأنها لم تكن، لا يعبأ بها ولا يجزع لها استغناء بالله وإيماناً به، ويكون له الباع الرحب بالتخلص من ربقة الدنيا وأهلها، والحكمة الخالصة بتقريب المبعودين، ورد الشاردين، وإيقاظ الغافلين.

ولا يكمل حتى يبلغ عقله الإحاطة بالعوارض التي ترد على الناس على اختلاف طبقاتهم، فيكون بما يحدثه الغنى من الطغيان والتعزز أدرى من أغنى الناس، وبما يحدثه الفقر من الذلة والمسكنة أدرى من أفقر الناس، وبما يحدثه المرض من ضيق الصدر وطالعة العجز أدرى من أكثر الناس مرضاً، وبما تحدثه العافية من العجب ودعوى القدرة أدرى من أزيد الناس عافية، وبكل عارض ونتيجته أدرى من خاصة أهله، هذا مع التجرد من عوارض الأكوان والأزمان لله تعالى على الطريقة المحمدية الشرعية، فلا ينقض للشرع عهداً، ولا يتجاوز له حداً , وتكون له الهمة الصالحة، واللسان المؤيد، فيجمع صنوف هذه الطبقات المذكورة على طريق الله، ويدل الجميع بحكمته على الله.

ولا يكمل حتى يبلغ عقله الإحاطة بمقادير الأشياء جزئيها وكليها، من طريق الإجمال، فيعرف قدر الشيء عند راغبيه وطالبيه، كمعرفته بقدره عند الراغبين عنه والزاهدين به، لينظم حكمة الإرشاد بالموافقة مع حكمة الأمزجة، وعليه في كل ذلك أن لا ينحرف عن منهاج الشرع ذرة، لا في أقواله ولا أفعاله.

فإذا استجمع الرجل هذه الأوصاف صار معدودا عندنا من أهل الكمال، وإلا فهو ناقص، وله من مائدة الولاية بقدر إحاطة عقله وبلوغ همته وتمكن قدمه من هذه الخصال المحمدية الشريفة.

وهذه الخصال جمع شتاتها سيد المخلوقين أرواحنا لجنابه العظيم الفداء بقوله: (بعثت بالمداراة) وأمرنا بمثلها فقال صلى الله عليه وسلم: (كلموا الناس على قدر عقولهم) وهذه الحكمة التي وعد الله عباده معها الخير فقال تعالت قدرته: (( يؤتي الحكمة من يشاء * ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيراً كثيراً)) وصاحب هذه المرتبة الرفيعة كالغيث أين وقع نفع، وتفاوت مراتب الواصلين والعارفين يدرك بهذا الميزان، وفي كل الأمور الأمر لله، ولا حول ولا قوة إلا بالله انتهى ما أورده في هذا المقام سيدنا وإمامنا الرفاعي، عليه رضوان الله تعالى وتحياته.

وبعد أخذ حصة الحكم وسهم القسمة، حفَّني النور المحمدي، فخرجت من ( مصر)، وكان بين الوقت ووقت أداء فريضة الحج ستة أشهر، فوجهت وجهي لله تعالى، وسرت على البركة بين لجة ومفازة، حتى تشرفت بـ:

((( مدينة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم )))

يتبع إن شاء الله تعالى






رد مع اقتباس
 
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 12 13 14 16 17 18 19 20 21 22 23 24 26 27 28 29 30 31 34 35 36 37 38 39 41 42 43 44 46 53 54 57 58 59 62 63 64 66 67 70 71 72 73 74 75 77 78 79 80 81 82 83 84 85 86 87 88 89 90 91 92 93 94 95 96 97