الموضوع: بوارق الحقائق
عرض مشاركة واحدة
قديم 01-14-2019, 02:21 PM رقم المشاركة : 97
معلومات العضو
عضو

إحصائية العضو





 

الرفاعي غير متواجد حالياً

 


شكراً: 8
تم شكره 9 مرة في 9 مشاركة
كاتب الموضوع : الرفاعي المنتدى : رواق الطريقة الرفاعية
افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم
ــــــــــــــــ

( فائدة )

الدعاء من سهام الغيب، يطنب وتر قوس القلب به، مشدود العزم، شديد العزيمة، خالص الهمة، فيرمى به من فضاء الغيب إلى فضاء الغيب، فتأخذه يد الإجابة وتضرب به هدفه، ولا بد أن يصيب، ولكن سرعة تأثيره بنسبة صدق العزيمة، وصحة القصد، والتحقق بذلة العبدية، في محاضرة التوجه إلى السيد العليم، الذي يفعل ما يريد وهو على كل شيء قدير، ولا يتم إلا بالاعتماد الخالص على الله تعالى، اعتماداً يجزم بحصول الإجابة ضميره، ويكشف ظلمة الشبهة والتردد نوره، مع الانسلاخ من الذنوب بالتوبة والرجوع إلى الله تعالى، وإن ثمرة الدعاء إظهار الفاقة بين يدي الله تعالى، وإلا فهو يفعل ما يريد، هكذا نص شيخ الطوائف، إمام الرجال، مولانا السيد أحمد الكبير الرفاعي رضي الله عنه وقال منبهاً على الإقلاع عند الدعاء عن الذنوب بالتوبة:


كيف نرجو استجابة لدعاء = قد سددنا طريقه بالذنوب؟!


وقال على طريق دعاء مثله الخالصين المجردين من الأغيار، عليهم سلام الملك الجبار:


قلوب زوت كل الوجودات وانطوت = على صدق قصد بالدعاء لمولاهـا

فرد عليهـا لهفـة السـر بالرجـا = وأكرمهـا فيمـا أرادت وأعطاهـا

ولمـا إليـه بالدعـاء توجـهـت = أماط حجاب البعد عنهـا وحيَّاهـا

وقربهـا حتـى أقامـت ببـابـه = بأمن وباللطف السمـاوي أحياهـا

وأتحفها إسعاف مـن قـد أحبهـا = ومـزق مـن رام العلـو فعاداهـا


وقد جرب أهل القلوب، طائفة طائفة، وطبقة طبقة، أن من انكسرت إلى الله به قلوب أرباب القلوب لا يفلح أبداً، وذلك لصدق عزائمهم، وصحة حالهم مع الله تعالى، وفي إشارة معنى التخلي لاستقطاف ثمرات التجلي بمحاضرات السر غبت فقلت:


طرق السر مـن البرهـان مـا = قام في السـر وأبـدى الحِكَمـا

وروى عن منبع الفائـض مـن = موج بحر الإنجـلا مـا التطمـا

مـدّ فـي زاويـة القلـب وفـي = كلهـا مـن غيـر نـدٍّ حكـمـا

ورمـى نبـل شـؤون فعـلـت = فتـعـالـى الله! اللهُ رمـــى

لمعـت نـار الحمـى واشغفـي = للحمى! مذ لمعت نـار الحمـى

قسمـاً باللمعـة الأولـى التـي = هي مرمـاي وعـزت قسمـا!

أنـا مسلـوب بمجلـى حُسنهـا = حيـن حلـت بالبـروز العَلَمـا

كلمـا شـارف مجلاهـا الخفـا = هيـجّ القلـب المعنّـى كلـمـا

رفرف الطـور بشرقـي اللـوى = شاقنـي والكـون منـي انعدمـا

ومناجاتـي بمـوسـى نشـأتـي = مذ تلاشت أوضحت لي الرقمـا

خر موسى العزم منـي صعقـا = ووجـودي ذاب والدمـع هـمـا

وتداعيـت كأنـي لــم أكــن = لا, ولا الهيكـل منـي انتظـمـا

يـا لتنسيـق فـنـاء عمـنـي = فكأنـي فـي نِساقـات العمـا!

فطويت النـوع عـن باصرتـي = وزويت الأرض عنـي والسمـا

أي معنى في شهـودي لاح لـي = هدرت في أرضه الكبرى الدِّمـا!

وإشـارات بسيـنـاء الـهـدى = كشفـت بالنـور عنّـا الظُّلـمـا

وضميـر طفـح النـور بــه = مُذ رأى برق الشهود اضطرمـا

عارض العـارض دمـع هامـع = فانطوى حيـن الحبيـب ابتسمـا

وسـمـاء لألأ الـبـدر بـهـا = نحوها العزم مـن السـرّ سمـا

فكما طالـت لهـا العـزم علـى = نوعهـا طـال ارتقـاء وكـمـا

ومذ الديبـاج مـن روض الرُّبـا = بسـطـت أطـرافـه واتسـمـا

وأطاريـز الزهـور انتسـجـت = وبهـا الطيـر انبساطـاً رنَّمـا

والسجاجيـد لديـوان الحـمـى = فُرشت والحـزب سـراً نمنمـا

وسرى الحادي بعيس القـوم مـا = أثقلـت بالخـطـو إلا دمـدمـا

فهنـاك انظـر ترانـي سابـقـاً = لحبيـبـي أستطـيـر القَـدَمـا

موجـد الأشيـاء بـاق دائـمـاً = وخيـال كـل مـا قـد زُعمـا

طَـرَقَ القـوم لعمـري طُرقـاً = وتبـوأت الطـريـق الأقـومـا

وحَّد اللهَ الرسول المصطفى (ص) = وانتظمـنـا بـهـداه مثـلـمـا

هـو أسـرار الهـدى علّمـنـا = فاعتقدنـا كلمـا قــد علَّـمـا

فبـه طرنـا ليـافـوخ الـعـلا = وبمـا علّـم صـرنـا العُلـمـا

وهدمنـا بِيَـعَ الغـيـر ولــم = نتّخذ فـي الدِّيـن يومـاً صنمـا

كـل مــا أبــرزه الله لـنـا = لـم نصيـرّ شـأنـه مكتتـمـا

والـذي حكمـاً طـوى مظهـره = لـم نجـده قــط إلا مبهـمـا

وإذا قلـنـا بتعظـيـم امــرِئٍ = فهـو تعظيـم لمـا قـد تعظمـا

وحـدود الشـرع فينـا أمرهـا = حاكـم يعلمـه مــن علـمـا

صاح خذ من شريعة الهادي الهد = ى واتخذهـا للمعـالـي سلـمـا

ودع الأكـوان لا تعـبـأ بـهـا = واعبـد الله ودع مــن ظلـمـا

وخـذ القـرآن نــورا بيـنـا = وظلوم حـاد عنـه فـي عمـا

واتصـل بالله مــن فرقـانـه = فالـذي فارقـه قــد فصـمـا

واجعل السُنَّـة حصنـا عاصمـا = عز نهج المصطفـى معتصمـا!

فعلـيـه الله فــي أكـوانــه = كلمـا صلـى بـشـأن سلـمـا


وفي ذلك المقام، رأت باصرتي بنظرها الكرار انفكاك أولي النفوس المغمورين بالهوى عني، وانكبابهم على أهل الشـفوف المصبَّغة والثياب النقية الفاخرة، من أصحاب الحظوظ النفسانية، والدعاوي الكاذبة العريضة، ونوديت: أفصح الحكم، وأوضح سـر المشهد بما يُفتح عليك به. فقلت بما فتح به، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.


تركونـا أي قـوم تركـوا؟ = وبركبان النفـوس انسلكـوا

ورأوا خرقتـنـا بـالـيـة = وعلى أهل الشفوف انحبكـوا

سلكوا وهما علـى آرائهـم = ليتهم إذ سلكوا ما سلكـوا!

مازجتهم أنفس من نوعهـم = صحح النوع لهـا المشتبـك

جهلونـا لاختـلاف بَّـيـن = ورأوا منهاجنـا فانوركـوا

نحن آيات مضامين الهـدى = وعلينا في البرايـا الـدرك

نحن سر الله في هذا الـورى = ولنا في كـل سـر شَـرَكُ

من يد التوفيق مسـت قلبـه = فهو مشغـول بنـا منهمـك

والذي حارَبَنَـا حَـارَ بِنـا = مثلما قال البصيـر المـدرك

وحد الأقـوام قـولا ربهـم = ورأوا غيراً فجهلاً أشركـوا

من يرى الأغيار في أفعالهم = هو لا شك البعيـد المشـرك

نحن آمنَّـا بمـن صَّورنـا = فليدر كيـف أديـر الفلـك

شيخنا الغوث الرفاعي الـذي = نَهْجُهُ لُبُّ الهـدى والنسـك

نـاب طـه فأتانـا مرشـداً = لطريق ضـاء فيـه الحلـك

فتبعناه علـى الأثـر وقـد = حُط عن خمص هُدانا الحبك

وعلى هـام العـلا ديواننـا = بسلاطيـن الحمـى محتبـك

نعبـد الله ولا نعبـد مــن = يهلكنهم دهرهـم أو هلكـوا

زخرف القول كوى أبصارهم = فعموا وافتتنوا بـل هتكـوا

زعم التصريف رغماً للقضا = أعين فيها العمـى مشتبـك

عجزهم لولا القضا في نعلهم = ظاهر إن قُدَّ منهـا الشـرك

مُلْكُ ربي هـو فيـه مالـك = رغم من قد مُلِكوا أو مَلَكُـوا

قِدَمُ الله عـلا عـن حَـدَثٍ = جلَّ بارينـا القديـمُ الْمَلِـكُ


سبحان الله! يا أمة العمى والوهم، تتبعون الأوهام، وتفارقون الأحكام، وتظنون أن أعمالكم من الإلهام، وأن مشايخ أوهامكم من أُولي الأفهام، يدَّعون القطع والوصل رغما للقدر، ويظهرون العقد والحل بما ليس من طرق البشر، والموت ملاقيهم، وقد رآه قدمائهم، وشرب كأسه كبراؤهم، فما أغنى عنهم تبجحهم ولا شطحهم من الله شيئا.

العبدية عجز دون القدرة، والوليّ رهين القدر، يفعل بالقدر، يصـول بالقدر، يقول بالقدر، لا ينطق حتى يُنطَّق، يرجو رحمة ربه في كل حال ومآل له ولمن أحب، ولا يملك من الله شيئاً، ولا يملك لنفسه ضراً ولا نفعاً ذكر الترمذي في (سننه) عن أسامة بن زيد رضي الله عنهما أنه قال: لما ثقل رسول الله صلى الله عليه وسلم هبطت وهبط الناس المدينة، فدخلت على رسول الله وقد أصمت فلم يتكلم، فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يضع يديه عليّ ويرفعهما، فأعرف أنه يدعو لي، وهذا من الأحاديث الحسان.

فهذا السر الأعظم، علة آدم، والسبب الكليّ في نشأة العالَم، وهذا حبه وابن حبه، وقد حاضره في حضرة الجمع الأكمل، الذي بها يليق له عليه الصلاة والسلام أن يقول ويصول ويفعل، وقد أُصمت، فسبحان من أصمته عن الأكوان لينطقه به!.

وهناك فما أشار إلى نفسه الطاهرة المقدسة، ولا ضمن فوق القدر، ولا زاده جمعه إلا كمالاً، فرفع يديه بالدعاء، وتوجه إلى الله بشأن حبه وابن حبه، وهو هو محمد الوجودات، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم.

فأين أنتم أيُّها المتشيخة؟ وأين مشايخكم؟ كلما أنتم فيه وهم دهم الفهم، وظلمة أوهمت الفهم، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.

فلما أتممت الكلام وسكت، برق من جانب الوادي الأيمن المقدس بارق الانكشاف الملكوتي، فرأيت صفوفاً من عباد الله المخلصين المصـطفين، الذين ورثهم الله هدي الأنبياء والمرسلين والصحابة والتابعين، وهم من كل فج يثجون، ومن كل حدب ينسلون، وإليَّ يهرعون، وعليَّ في طريقة الله يعولون، وبي يتعلقون، وعن غيري لله بالله ينفكون، فقلت: آمنت بالله!:


قوم نراهـم وصلـوا = لنـا وفينـا اتصلـوا

وعن سوانا أعرضوا = كمـا علينـا أقبلـوا

وفي طريق المصطفى = على هدانـا عوَّلـوا

وسرَّهـم وجهرهـم = بنا لعمـري شَغَلُـوا

فعلِـمُـوا وعمِـلُـوا = وأقبـلـوا وقُبـلُـوا

وعظَّمـوا فَعُظِّمـوا = وبجَّـلـوا فبُجِّـلـوا

وأدركتهـم نفـحـة = تمحـق فيهـا العلـل

فأدركـوا بسـرّهـا = العليـا وتـمَّ الأمـلُ

فيـا أمِيـنَ أمـرِنـا = متى إليـك هرولـوا

فَصَفِّهـم وصُفَّـهُـمْ = بالصف أين رحلـوا

وقل لهم سيروا على = هذا الهدى واشتغلـوا

وطيّبوا الأرض بنشر = مـا طويـهُ الرجـلُ

فنهجـه كـان عليـه = المصطفى والرسـل

وعلمه مـن عِلْمِهـم = وحـالـه والعـمـل

ونوبـة الختـم لـه = وهو الأميـن البطـلُ


وظهر لي من كرم الله تعالى في حضرة ذلك الإنكشاف ما قرَّت به عيني، وامتلأ به من الفرح قلبي، وطاب به - ولله الح وظهر لي من كرم الله تعالى في حضرة ذلك الإنكشاف ما قرَّت به عيني، وامتلأ به من الفرح قلبي، وطاب به -ولله الحمد والشكر- سري وقفلت من هناك أكرّ إلى:

((( بغداد )))

يتبع إن شاء الله تعالى






رد مع اقتباس
 
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 12 13 14 16 17 18 19 20 21 22 23 24 26 27 28 29 30 31 34 35 36 37 38 39 41 42 43 44 46 53 54 57 58 59 62 63 64 66 67 70 71 72 73 74 75 77 78 79 80 81 82 83 84 85 86 87 88 89 90 91 92 93 94 95 96 97