الموضوع: بوارق الحقائق
عرض مشاركة واحدة
قديم 03-15-2018, 01:38 PM رقم المشاركة : 46
معلومات العضو
عضو

إحصائية العضو





 

الرفاعي غير متواجد حالياً

 


شكراً: 8
تم شكره 9 مرة في 9 مشاركة
كاتب الموضوع : الرفاعي المنتدى : رواق الطريقة الرفاعية
افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم
ــــــــــــــــ

أيها اللبيب، لا تدفع عقلك لمضايق المطالع وتقف مع المقاصد، وتنصرف عن مسالك أهل العلم بالله تعالى، الذي انتظمت لهم بيد الوهب قلائد عقود الحقائق. كل مطامعك ومقاصدك ومسالك همتك قاصرة عن حد النتيجة، ما لم تكن مندفعة إليك بسلطان الأمر الأزلي؛ وهناك قليل من سعيك ينتج لك ثمرة القصد؛ وعلى هذا الطريق المحكم فسعيك موافقة حكم لا معارضة قِسَم. (( نحن قسمنا )). آية من قاهر الإرادة المحتمة فعلت فوق فعلك، قبل كونك، أخذت زمامك منك، فنم بسعيك على عتبة باب التسليم.

قدر قمر الإبراز منازل في سماوات الأحكام بحكمة سلطانه (( ذلك تقدير العزيز العليم ))، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.

قل بلسان قلبك، اكتب بقلم سرك، طر بجناحي روحك ويقينك، انصرف عن قالبك، عن علمك، عن عملك، دع شقشقة الألفاظ، خذ بلباب الحكم، مت عن هواك، طالب عزمك بالقيام بعزائم الأمور، سـر عن الوجودات سـيرة ذي يأس من غير الموجد جلت عظمته.

وقف القوم بقلوبهم مع مشايخهم الأحياء منهم والأموات، واستفاضوا سر الإخلاص بتوسط أرواحهم؛ لا لكونهم مفيضين، بل لكونهم محل الفيض الإلهي، والتماس توسط أرواحهم هو التعرض لنفحات الرحمن، والتشوف لبركة تجلياته، وقد أمرنا بالتعرض للنفحات الرحمانية، والاتباع لسبل أهل الإنابة للحضرة القدوسية.

فعليك أيها السالك بهذين السرين، ففيهما لك قرة عين تنفي الغين، وتسقط حكم البين من البين.

وإذا شارفتك من أطوارك أحوال فنقها من سابحات خيالك؛ فإن حضرة الخيال ترسم لأهل الأحوال صـحف شـؤونات يصعب عليهم تفريقها عن الحقيقة؛ ومنها: الشـطح والدعوى. وكل ذلك لرعونة تمكنت آثارها من القلب، فإذا شارفت الرجل أحواله من أطواره، هاجت عليه لعدم تمكنه رعونته، فصال وجال، وعربد وقال، والكل خيال. (( إنا لله وإنا إليه راجعون )).

كن أيها اللبيب في إبان سلوكك محجة الطريق، سائساً لنفسك، عالماً بأحكام سياسة سرك، ممارساً لأسرار النفوس وما انطوت عليه من المحاضرات والمضامرات والخفايا المكتومات، وحقق عزمك بالتمكن في عزائم الصدق، وانسلخ عن كل مشارفة يشرف منها طور نخوة نفسك، حتى لا تبقي لك من آثار كل مشارفاتك غبار نخوة، وهناك تحسـب في الركب، وتصلح لمجالسة الأحبة ومجانستهم، وإلا فأنت دخيل.

وتشبه بهم بقصد التحقق بأحوالهم والتمكن بمقاماتهم، لا بمجرد التقليد الوهمي للتقدم والغرض، واهدم صوامع زعمك بذكر الموت، فهو هادم اللذات، وصر حيّاً بالله، (( وكفى بالله وليّاً ))، والسلام.

انتهى المجلس الأول، وهو المجلس الذي أمرني بقراءته والتسلك به سيدي شرحبيل، الصحابي الجليل رضي الله عنه.

وإن كان ذو بصيرة ونظر من أولي الألباب، إذا أعمـق فكرة في أسـاليب هذا المجلس الشريف، يعتقد جزماً أن التسلك بمضامينه سلم يرفع بالسـالك إلى مراتب القرب من الله تعالى.

وصباح يومنا ـ وكان يوم الأربعاء ـ قمت مع قافلة قليلة الأعداد أطير بهمة الوجد، وأتدلى إلى رفارف حظائر الأنس بجاذب الشوق، وقد جعلت قدمي في السـلوك على طريق المجلس الأحمدي الذي تشرفت بذكره، والحال يزمع بي في سيري، ويرفعني عن محطة الطور إلى مراح الفكر والاعتبار في مجال هذا التنزيل النوعي حتى قال قائل: هذه ((( عنتاب ))).

يتبع إن شاء الله تعالى






رد مع اقتباس
 
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 12 13 14 16 17 18 19 20 21 22 23 24 26 27 28 29 30 31 34 35 36 37 38 39 41 42 43 44 46 53 54 57 58 59 62 63 64 66 67 70 71 72 73 74 75 77 78 79 80 81 82 83 84 85 86 87 88 89 90 91 92 93 94 95 96 97