عرض مشاركة واحدة
قديم 03-09-2018, 08:04 AM رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
عضو

إحصائية العضو





 

الرفاعي غير متواجد حالياً

 


شكراً: 8
تم شكره 9 مرة في 9 مشاركة
كاتب الموضوع : الرفاعي المنتدى : رواق المكتبة
افتراضي

فلما كانت هذه الحبة بزر شجرة الكون، وبزر ثمرتها، ومعنى صورتها، أحببتُ أن أجعل للمكوَّن مثالا، وللموجود تمثالا، ولما ينتج من الأقوال والأفعال والأحوال منوالا، فمثلت شجرة نبتت عن أصل حبة ( كن )، وكل ما يحدث في الكون من الحوادث كالنقص والزيادة، والغيب والشهادة، والكفر والإيمان، وما تثمر من الأعمال وزكاة الأحوال، وما يطهر من قربات المقربين، ومقامات المتقين، ومنازلات الصديقين، ومناجاة العارفين، ومشاهدات المحبين، كل ذلك من ثمرها الذي أثمرته، وطلعها الذي أطلعته.

فأول ما أنبتت هذه الشجرة التي هي حبة ( كن ) ثلاثةُ أغصان، أخذ غصن منها ذات اليمين، فهم أصحاب اليمين، وأخذ غصن منها ذات الشمال، ونبت غصن منها معتدل القامة على سبيل الاستقامة، فكان منه السابقون المقربون، فلما ثبت واستعلى جاء من فرعها الأعلى وجاء من فرعها الأدنى عالم الصورة والمعنى، فما كان من قشورها الظاهرة، وستورها البارزة، فهو عالم الملك، وما كان من قلوبها الباطنة، ولباب معانيها الخافية، فهو عالم الملكوت، وما كان من الماء الجاري في شريانات عروقها الذي حصل به نموها، وحياتها وسموها، وبه طلعت أزهارها، وأينعت ثمارها فهو عالم الجبروت الذي هو سر كلمة ( كن ).

ثم أحاط بالشجرة حائطٌ، وحُدَّ لها حدود، ورسم لها رسوم، فحدودها الجهات وهن: العلو والسفل واليمين والشمال ووراء وأمام، فما كان أعلى فهو حدها الأعلى، وما كان أسفل فهو حدها الأسفل.

وأما رسومها وما فيها من الأفلاك والأجرام، والأملاك والأحكام، والآثار والأعلام، فجعل السبع الطباق، بمنزلة ما يستظل به من الأوراق، وجعل الكواكب في الإشراق، بمنزلة الأزهار في الآفاق، وجعل الليل والنهار، بمنزلة رداءين مختلفين: أحدهما أسود يُرتدى به ليحتجب عن الأبصار، والآخر أبيض يُرتدى به ليتجلى على ذوات الاستبصار.






رد مع اقتباس
 
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 12 13 14 16 17 18 19 20 21 22 23 24 26 27 28 29 30 31 34 35 36 37 38 39 41 42 43 44 46 53 54 57 58 59 62 63 64 66 67 70 71 72 73 74 75 77 78 79 80 81 82 83 84 85 86 87 88 89 90 91 92 93 94 95 96 97