عرض مشاركة واحدة
قديم 03-09-2018, 07:58 AM رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
عضو

إحصائية العضو





 

الرفاعي غير متواجد حالياً

 


شكراً: 8
تم شكره 9 مرة في 9 مشاركة
كاتب الموضوع : الرفاعي المنتدى : رواق المكتبة
افتراضي

وأما من أخطأه ذلك النور فطولب بكشف المعنى المقصود من حرف (كن ) فإنه غلط في هجائه، وخاب في رجائه، فنظر إلى مثال (كن) فظن أنها كاف كفرية بنون نكرة، فكان من الكافرين، وكان حظ كل مخلوق من كلمة (كن ) ما علم من هجاء حروفها، وما شهد من سرائر خفائها، دليله قوله صلى الله عليه وسلم: " إن الله خلق خلقه في ظلمة ثم رش عليهم من نوره فمن أصابه ذلك النور اهتدى، ومن أخطأه ذلك النور ضل وغوى ".

فلما نظر آدم إلى دائرة الوجود فوجد كل موجود دائرا في دائرة الكون، واحد من نار وواحد من طين، ثم رأى هذه الدائرة على سرائر (كن)، فكيفما دار واستدار، وحيثما طار واستطار، فإليها يؤول، وعليها يجول، ولا يزول عنها ولا يحول.

فواحد شهد كاف الكمالية ونون المعرفة، وواحد شهد كاف الكفرية ونون النكرة، فهو على حكم ما شهد راجع إلى نقطة دائرة (كن ) وليس للمكوَّن أن يجاوز ما أراده المكوِّن.

فإذا نظرت إلى اختلاف أغصان شجرة الكون ونوع ثمارها علمت أن أصل ذلك ناشئ من حبة( كن ) بائن عنها، فلما أدخل آدم في مكتب التعليم، وعُلِّم الأسماء كلها، نظر إلى مثال ( كن )، ونظر إلى مراد المكوِّن من المكوَّن، فشهد المعلَّم من كاف ( كن ) كاف الكنزية " كنت كنزا مخفيا لا أُعرف فأحببت أن أُعرف "، فنظر من سر النون نون الأنانية " إنني أنا الله لا إله إلا أنا"... الآية، فلما صح الهجاءُ، وحقق الرجاءُ، استنبط له من كاف الكنزية كافَ التكريم " ولقد كرمنا بني آدم "، وكاف الكنتية " كنت له سمعا وبصرا ويدا "، واستخرج له من نون الأنانية نونَ النورية " وجعلنا له نورا "، واتصلت بها نونُ النعمة " وإن تعدُّوا نعمة الله لا تحصوها ".

وأما إبليس لعنه الله فإنه مكث في مكتب التعليم أربعين ألف عام يتصفح حروف ( كن )، وقد وكله المعلِّم إلى نفسه، وأحاله على حوله وقوته، فكان ينظر إلى تمثال ( كن ) ليشهد من تمثالها كافَ كفره، فكبر " فأبى واستكبر "، ويشهد من نونها نون ناريته " خلقتني من نار "، فاتصلت كاف كفريته بنون ناريته " فكبكبوا فيها ".

فلما نظر آدم إلى اختلاف هذه الشجرة، وتنوع أزهارها وثمارها، فتثبت بغصن " إني أنا الله "، فنودي: كل من ثمار التوحيد، واستظل بظل التفريد، " ولا تقربا "، فأراد إبليس أن يوصله بغصن " فوسوس لهما.. فأكلا منها"، فزلقا في مزالق " وعصى"، واستمسك بغصن " ربنا ظلمنا أنفسنا "، فتدلت عليه ثمار " فتلقى ".

فلما نودي يوم الإشهاد، على رؤوس الأشهاد، " ألست بربكم " فشهد كلٌّ على مقدار ما شهد وسمع، ثم اتفق الكل في الإيجاب، فقالوا: " بلى "، لكن الاختلاف وقع من حيث الإشهاد، فمن أشهده جمالية ذاته شهد أنه " ليس كمثله شيء "، ومن أشهده جمالية صفاته شهد أنه " لا إله إلا هو الملك القدوس "، ومن أشهده عرائس مخلوقاته اختلفت شهاداتهم لاختلاف المشهود، فقوم جعلوه محدودا، وقوم جعلوه معدوما، وقوم جعلوه حجرا جلمودا، والكل في ذلك على حكم " قل لن يصيبنا "، وهو مستبطن في سر كلمة ( كن )، دائر على نقطة دائرتها، ثابت على أصل حبتها.






آخر تعديل الرفاعي يوم 03-09-2018 في 08:04 AM.
رد مع اقتباس
 
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 12 13 14 16 17 18 19 20 21 22 23 24 26 27 28 29 30 31 34 35 36 37 38 39 41 42 43 44 46 53 54 57 58 59 62 63 64 66 67 70 71 72 73 74 75 77 78 79 80 81 82 83 84 85 86 87 88 89 90 91 92 93 94 95 96 97