الموضوع: بوارق الحقائق
عرض مشاركة واحدة
قديم 08-30-2018, 11:21 PM رقم المشاركة : 67
معلومات العضو
عضو

إحصائية العضو





 

الرفاعي غير متواجد حالياً

 


شكراً: 8
تم شكره 9 مرة في 9 مشاركة
كاتب الموضوع : الرفاعي المنتدى : رواق الطريقة الرفاعية
افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم
ــــــــــــــــ


قال العارف الإمام السيد سراج الدين الرفاعي المخزومي رضي الله عنه:


إن رمت إتحافـك بالفتـح = فزحزح الطبع عن الشطح

فالشطح سيف مصلت قاطع = للعبد عـن حافلـة المنـح

رعونـة دافعـة أهلـهـا = عن ساحة التعديل والجرح

ومتنها في طـي الفاظـه = معائب تعـرف بالشـرح

قلت: في الشطح ثائرة جموح تهزها بقية نخوة من آثار غلبة النفس تغلب حكم المقام، وترد من موج الحال فتنتنج سكرة تنشأ عنها عربدة صولة، ودعوى قطع ووصل، وكل حالات الشطح من عوارض بدايات المريدين، والمتمكنون عنها في معزل، ومن علامات كلمة الشطح ثقلها في النفوس، واستعظامها في الخواطر، وندامة قائلها عليها ولو عند موته.

كما وقع مع الشيخ العارف عبدالقادر الجيلي نفع الله به فإنه لما حضرته الوفاة وضع خده على عتبة الباب، وقال: هذا هو الحق الذي كنا عنه في حجاب. هذا ما نص عليه العارف محيي الدين ابن عربي في فتوحاته، والشيخ صالح الشعراني في مننه وغير واحد، وسبب الندامة التي تلحق الشطاحين بروز سلطان الحق المخالف لدعاوى الشطاحين، والمصادم لزعوماتهم، وهناك وتقابلهم صدمات سلطان الحق بقمع تلك الثوائر، فيرى الشطاح حينئذ أنه في قبضة الحجة وقامت عليه فيطرقه الندم من كل جهاته، وتقوم قيامة حاله، وخلاصه ما أجمع عليه العارفون أن الشطح هضمة جموح، وضجة دعوى، ونهزة تجاوز، ومفارقة حق، وإنصراف مع هوى، ولا يكون الوليّ وليّاً حالة الشطح بل ينسلخ من ولايته، وينتقل إلى ساحة دعواه كما ينتقل النائم بالنوم من يقظته إلى ساحة نومه، وهو أعني الشطح نقص لا يجتمع كمال، وإدلال لا يفارقه الإذلال، وبينه وبين التحدث بالنعمة أهوال، وكم من كلمة شطح سرت وكتبها أهل النقص في كتبهم ظنّاً بأنها من مقام التحدث بالنعمة، وهي عند الله من سوالب النعمة والعياذ بالله.

ومقياس التحدث بالنعمة مطابقة نص القائل على نصوص أقوال النبي العظيم صلى الله عليه وسلم، ونصوص أقوال الصحابة الكرام، وأهل بيته الأعلام ـ رضي الله عنهم أجمعين - مطابقة لا تأخذ بالنص لتعسفات التأويلات والتقديرات وتحويل ظواهر العبارات بإشارات بعيدات هكذا قال صاحب الحضرة، والنهي والأمر، وهذا ملخص كلام السلف الصالح وغاية ما ذهبوا إليه وأجمعوا عليه.

واما الشطاحون، فهم دون غيرهم من إخوانهم الذين لا يشطحون كيف كانوا، وإلى أيّ جهة انصرفوا، وفي دعاويهم عن مقامات المتمكنين محجوبون، وعن الترقيات في مراتب التحقيق قاعدون، ونشطة من همم القوم الذين راضوا أنفسهم بالذل والإنكسار ترفعهم فوق الشطاحين ولو اجتهدوا الأعمار، فإن العمل المقرون بالدعوى والترفع ساقط عن الصعود إلى حضرة العليِّ (( إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه )) وقد زلَّ عن طريق الصواب أُناس فصرعهم ميل نفوسهم إلى القول بالشطحات من ثلاثة وجوه.

الوجه الأول: ظنوا بها تحقق صاحبها في منزلة دعواه وانه أعظم من غيره مقاماً ومنزلة.

الوجه الثاني: فَرِحَتْ بكلمة التزحزح والتجاوز نفوسهم لممازجتها تلك الكلمة المشوبة بثائرة النفس، وظلمة الطبع التي تمنع أنوار المشاهدة فانبسطوا لها، وطابت بها خواطرهم وذهبت لمجانستها جمحات نفوسهم حين وافق أغراضها طبع تلك الكلمة فقالوا بها، وانصرفوا للاحتجاج بها لمشاركة فيهم لها بسائق عزم النفوس من دون علم منهم.

الوجه الثالث: اعتقادهم القوة الفعالة بذلك الشطّاح، وانه يقدر أن يفعل لهم بدلالة أقواله الشطاحة ما تؤمله نفوسهم، وتتهافت عليه هممهم:


همـم تطرّقهـا الزلـل = وطوى عزائمها الخلـل

سبحت بموجات الهـوى = غيّاً على شـوط الأمـل

واستقبلـت لضلالـهـا = وجه السوى بئس العمل

هـذا يقـول وقـولـه = عين السراب بـلا بلـل

وهناك ذاك يصولُ عـن = طيـش افادتـه العلـل

وهنـا يقـول ذا علـى = تقديـر زعـم محتمـل

الـكــل بـعــد الله = بهتـان وقائلهـا هـزل

فالزم طريق المصطفـى = واطرح اباطيـل الحيـل

واسأل كريماً عـز شـأ = ناً لا يخيب مـن سـأل

واجعـل لربـك دائمـاً = أبداً هروعك لـم يـزل

واسلك طريق من عليـه = كتابـه الأهـدى نـزل

واعمـل بسنـة تابعيـه = فكلهـم مثـل الجـبـل

واهجر صنوف الشطـح = إنَّ الشطح داعية الزلـل

واقطع صنيع علائق الشـ = ـطَّاح واهجر مـا فعـل

هو واهـم ان لـم يـز = لّ فكل مـن يتبعـه زل


وطريق العرفان من حيث المقام يمنع عن سماع كلمات الشطاحين قضلاً عن القول بها، والاعتقاد بما انطوت عليه من الطّامات، وان طريقة الذوق في مشارفة الشهود الأتم الفرقاني حجة دامغة ترد كل هذه المنافسات مع تحقيق القول بالتحدث بالنعمة من طريقة المطابقة لقول النبي صلى الله عليه وسلم، والموافقة لحاله، وان طريقه الاستسلام لقضاء الله وقدره، والايمان بأن القدر خيره وشره من الله تعالى تدفع الأقدام عن هذه المزلقات. إذ الحكم صائل، والأمر حاصل، وذراع القدر طائل، والعبد محكوم مقدور محجور مقصور، وعلى تزحزحه وتجاوزه غير معذور، وما ثم إلا إماطة هذه الحجب بيد الشرع، وصفع ابّهة الطبع بنعل الأدب انغماساً في بحر المتابعة المحضة لصاحب الشريعة صلى الله عليه وسلم، وهذا والحمد لله رب العالمين هو المقام الأجمع الكامل الأتم الذي تحقق به وتخلق شيخنا وشيخ مشايخ الاسلام سيدنا أحمد الرفاعي رضي الله عنه وعنا به، وهو طريق الصحابة والصدر الأول من اعاظم الآل الكرام ضي الله عنه وعنهم أجمعين، ونفع بهم إنه المجيب للسائلين.

( ومن تحف الموانسة )

يتبع إن شاء الله تعالى






رد مع اقتباس
 
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 12 13 14 16 17 18 19 20 21 22 23 24 26 27 28 29 30 31 34 35 36 37 38 39 41 42 43 44 46 53 54 57 58 59 62 63 64 66 67 70 71 72 73 74 75 77 78 79 80 81 82 83 84 85 86 87 88 89 90 91 92 93 94 95 96 97