عرض مشاركة واحدة
قديم 08-10-2015, 08:42 AM رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
عضو

إحصائية العضو





 

البدوي غير متواجد حالياً

 


شكراً: 16
تم شكره 31 مرة في 28 مشاركة
كاتب الموضوع : البدوي المنتدى : رواق رد الشبهات
افتراضي

يؤكد ذلك قوله سبحانه وتعالى في الآية نفسها: إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر والإيمان هو التسليم والإقرار بالقلب والانقياد المطلق لليقين المتحقق بالتصديق. ونتيجة ذلك الخير والفضيلة لما ختمت به الآية وهو قوله تعالى: ذلك خير وأحسن تأويلاً أي ذلك أفضل مزية وأحسن حالاً ومآلاً.
أما الدلائل الخارجية فمنها قوله سبحانه وتعالى: ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم[الأنفال:46] فهذه الآية الكريمة ترشد المسلم إلى أن النزاع يذهب المكانة ويضعف القوة ويضعضع صفوف الجماعة. وفي الآية تشنيع على الخلاف المذموم الذي لا يؤدي إلى خير، أي مالم يحتمله القياس.
ومن الدلائل الخارجية أيضاً قوله تعالى: وما اختلفتم فيه من شيء فحكمه إلى الله [الشورى:10]. فهذه الآية الكريمة توضح للمسلم الفطن أن الخلاف نوعان:
ـ خلاف محمود.
ـ وخلاف مذموم.
ولذا بدئت الآية بقوله سبحانه: وما اختلفتم فيه من شيء وختمت بقوله فحكمه إلى الله، أي مآله ومرده إلى شرع الله.
أما الآيتان المتقدمتان فإنما وردتا في الخلاف المذموم؛ فقد صدرتا بمادة »التنازع« وهو كما قلنا أقصى درجات الخلاف الذي لا يفصل في قضيته إلا التوقف والتفويض والرد إلى الله سبحانه وإلى رسوله صلى الله عليه وسلم. وفي هذا إظهار لنمط عظيم من أنماط التربية الإيمانية، ومقام عزيز من مقامات المعرفة وهو: أن الأمر جميعاً لله، وأن الإنسان مهما بلغ في علمه، فإنه عاجز عن المعرفة.
قل أأنتم أعلم أم الله[البقرة:140]، ووما أوتيتم من العلم إلا قليلاً[الإسراء:85] صدق الله العظيم.
لذا ينبغي علينا أن لا ننسى مراد الشارع من الخلاف، فالخلاف المحمود يزيد في الثراء العلمي ويدعم العطاء الإنساني في البذل والإبداع في ما أذن الله به، لذا قال أمير المــؤمنين عـمــر بن عبدالعزيز: »ما سرني لو أن أصحاب محمد صلى الله عليه وســلم لم يختلفوا، لأنهم لو لم يختلفوا لم تكن رخــصة«(1). وقال القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق رضي الله عنهم: »كان اختلاف أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم رحمة للناس«. وما ذلك إلا تمشياً مع مراد الله سبحانه وتعالى في الحكمة الوجودية من خلق الإنسان، ولما كان الإسلام ديناً خالداً إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها وضع النبي صلى الله عليه وسلم قاعدة للأجيال بعده فقال: »عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي«، وبهذا النص أثبت النبي صلى الله عليه وسلم حقيقة البدعة الحسنة أو السنة الحسنة التي هي عرض الحدث بعد وقوعه، على حضرته صلى الله عليه وسلم، ومن بعده على سنته صلى الله عليه وسلم أي على أصل قُعد في عهد التنزيل، كما أن النبي صلى الله عليه وسلم يوجهنا إلى أن ننهج في ذلك نهجه ونهج أصحابه، أبي بكر وعمر والسابقين بإحسان رضوان الله عليهم، وكأن الصادق صلى الله عليه وسلم يشير إلى معجزة تحققت من بعده في أصحابه الكرام رضوان الله عليهم، فهذا عمر بن الخطاب رضي الله عنه يجسد ذلك المنهج حين جمع الناس على صلاة التراويح وقال: »نعم البدعة هذه« تلك التي تتقابل في التاريخ الإسلامي مع قول النبي صلى الله عليه وسلم: »من سن في الإسلام سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة، ومن سن سنة سيئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة«(1).
فيمتدح النبي صلى الله عليه وسلم تلك البدعة الحسنة ويسميها سنة حسنة تأصيلاً منه لقاعدة القياس، وبياناً منه أن ما يحدث في عهده سنة تقريرية إن أقرَّها أو أقرَّتها سنته من بعده، ويوضح الفاروق رضي الله عنه ذلك المفهوم بقوله فيما أُحدث على مثال سبق: »نعم البدعة هذه«، وبناء على ما تقرر تبين فُحش وغلط من فسّر قول عمر بالبدعة بالمعنى اللغوي، حيث إنه اتهم الفاروق والصحابة أجمعين بأنهم يُحْدِثون ما ليس على مثال سبق، وقابل فعلهم بعد التنزيل بفعلهم وقت التنزيل،وأنزلهم منزلة النبي صلى الله عليه وسلم في المصدرين الأساسيين للتشريع وكأن الوحي لم ينقطع،وهذا المفهوم ابتليت به خوارج هذه الأمة منذ ميلاد الرسالة، وكمن ذلك البلاء في أفراخهم إلى يومنا هذا بتلك الركاكة في الفهم، حتى ضللوا جميع من خالفهم وسرى ذلك الضلال ـ على رأيهم ـ في علماء الأمة حتى شمل بعض الصادقين من أبناء هذه الأمة دون أن يلقوا لتلك المقولة بالاً، وأول من ضرب على ذلك الوتر بعد ذي الخويصرة ابن تيمية الحرّاني ومن لفَّ لفه، ومن المؤسف أن يتبعه بعض الفضلاء كفضيلة الشيخ المختار الشنقيطي والشيخ نجيب المطيعي، وما أعظمها من زلة وما أقساه من اتهام، أبرئ منه عمر رضي الله عنه وإخوانه أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، في أنزه رجال مع أكرم رجل صلى الله عليه وسلم، وكلمة الفاروق رضي الله عنه دقيقة المعنى واضحة الفحوى كما قد بيّنا .
وبناء على ذلك استخرت الله في كتابة رسالة في البدعة أسميتها في البداية: »ضوء الشمعة في التلازم بين السنة التشريعية والبدعة«، ولما حققت المسألة وخضت في غمارها طرأ لي أن أسمي الرسالة:
» البدعة الحسنة أصل من أصول التشريع« وقسمت الكتاب إلى ثلاثة فصول وخاتمة:






رد مع اقتباس
 
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 12 13 14 16 17 18 19 20 21 22 23 24 26 27 28 29 30 31 34 35 36 37 38 39 41 42 43 44 46 53 54 57 58 59 62 63 64 66 67 70 71 72 73 74 75 77 78 79 80 81 82 83 84 85 86 87 88 89 90 91 92 93 94 95 96 97