عرض مشاركة واحدة
قديم 03-04-2018, 04:33 PM رقم المشاركة : 2
معلومات العضو

الصورة الرمزية Mounya

إحصائية العضو





 

Mounya غير متواجد حالياً

 


شكراً: 5
تم شكره 13 مرة في 13 مشاركة
كاتب الموضوع : Mounya المنتدى : رواق الشعر والنثر
افتراضي

عفيف الدين التلمساني(610 - 690 هـ / 1213 - 1291 م)

يا غائبين ووجدي حاضر بهم """ وعاتبين وذنبي في الغرام هم
بنتم فلا طرف إلا وهو مضطرب "'" شوقاً ولا قلب إلا وهو مضطرم




أَبداً بِذكْرِكَ تَنْقَضِي أَوْقَاتِي """ مَا بَيْنَ سُمَّاري وَفي خَلَواتي
يَا وَاحِدَ الحُسْنِ البَديع لِذاتِهِ """ أَنَا وَاحِدُ الأَحْزانِ فيكَ لِذَاتي
وَبِحُبِّكَ اشْتَغَلتْ حَواسِي مِثْلَمَا """ بِجَمالِكَ امْتلأَتْ جَمِيعُ جِهَاتي*




لاَ يَقْدِرُ الحِبُّ أنْ يُخْفِي مَحَاسِنَهُ """ وَإِنَّمَا فِي سَنَاهُ الْحُجْبُ تَحْتَجِبُ
أُعَاهِدُ الرَّاحَ أَنَّى لاَ أُفَارِقُهَا """ مِنْ أَجْلِ أَنَّ الثَّنَايَا شِبْهُهُا الحَبَبُ
وَأَرْقُبُ البَرْقَ لاَسُقْيَاهُ مِنْ أَربَى """ لَكِنَّهُ مِثْلُ خَدَّيْهِ لَهُ لَهَبُ
يَا سَالِماً فِي الهَوَى مِمَا أُكَابِدُهُ """ رِفْقَاً بِأَحْشَاءِ صَبٍّ شَفَّهَا الوَصَبُ
فَالأَجْرُ يَا أَمَلي إِنْ كُنْتَ تَكْسِبُهُ """ مِنْ كُلِّ ذِي كَبِدٍ حَرَّاءَ تَكْتَسِبُ
يَا بَدرَ تَمٍّ مُحَاقِي فِي زِيَادَتِهِ """ ما أَنْ تَنْجَلِي عَنْ أُفْقِكَ السُّحُبُ
صَحَا السُّكَارَى وَسُكْرِي فِيكَ دَامَ وَمَا """ لِلسِّكْرِ من سَبَبٌ يُرْوَى ولاَ نَسَبُ
قَدْ أَيَّسَ الصَّبْرَ وَالسِّلْوَانَ أَيْسَرُهُ """ وَعَاقَبَ الصِّبَّ عَنْ آمَالِهِ الوَصَبُ
وَكُلَّمَا لاَحَ يَا دَمْعِي وَمِيضُ سَنىً """ تَهْمِي وَإِنْ هَبَّ يَا قَلْبِي صَباً تَجِبُ



رَوَتْ نَفَحَاتُ الطِّيبِ عَنْ نَسْمِةِ الصِّبَا """ حَدِيثَ غَرَامٍ عَنْ سُوَيْكِنَةِ الخِبَا
وَأَهْدَى النَّسِيمُ الحَاجِريُّ سَلاَمَهَا """ فَيا لُطْفَ مَا أَهْدَى النَّسِيمُ وَمَا حَبَا
أَيَا صَاحِبي مَا لِلْحِمَى فَاحَ نَشْرُهُ """ فَهَلْ سَحَبَتْ لَيْلَى ذِيولاً عَلَى الرُّبَا
فماذا الشَذا إلاَّ وقد زَار طَيْفُهَا """ فأهْلاً بطَيْفٍ زارَ مِنْهَا وَمَرْحَبا
فَيا طِيبَ عَيْشٍ مَرْ لِي بِفِنَائِهَا """ وَلَوْ عَاد يَوْماً كَأنَ عِنْدِي أَطْيَبا
لَيِاليَّ أُنْسٌ كُلُّهَا سَحَرٌ بها """ وَأَيَّامُ وَصْلٍ كُلُّهَا زَمَنُ الصّبا
مُمُنْعَةٌ رَفْعُ الحِجابِ وَضَوْءُهُا """ كَفَاهَا فَمَا نْحتَاجُ أَنْ نَتَنَقَّبا
هِيَ الشَمْسُ إلاَّ أنْ نُورَ جَمَالِهَا """ يُنَزْهُهَا في الحُسْنِ أنْ تَتَحَجْبا
لَئِنْ أَخْلَفَ الوَسْمِيُّ مَا حِلَ تُرْبِهَا """ فقَدْ رَاحَ مِنْ دَمْعِ المُحِبْينَ يَخْصِبَا



وَإنْ تَشَوَّقْتَكُمْ بَعَثْتُ لَكُمْ """ كُتْبَ غَرَامِي وَمِنْكُمُ الكُتُبُ
وَأَشْرَبُ الرَّاح حِينَ أَشْرَبُهَا """ صِرْفاً وَأَصْحُو بِهَا فَمَا السَّبَبُ
خَمْرَتُهَا مِنْ دَمي وَعَاصِرُهَا """ ذَاتي وَمِن أَدْمُعِي لَهَا الحَبَبُ
إنْ كُنْتُ أَصْحُو بِشُرْبِهَا فَلَقَدْ """ عَرْبَدَ قَوْمُ بِهَا وَمَا شَرِبُوا
هِيَ النَّعِيمُ المُقِيمُ في خَلَدِي """ وَإِنْ غَدَتْ في الكُؤوُسِ تَلْتَهِبُ
فَغَنِّ لي إِنْ سَقَيْتَ يَا أَمَلي """ بِاسْمِ التَّي بي عَليَّ تَحْتَجِبُ



عَيْنَاكِ إنْ سَلَبَتْ نَوْمي بِلاَ سَبَبِ """ فَالنَّهْبُ يَا أُخْتَ سَعْدٍ شِيَمةُ العَرَبِ
وَقَدْ سَلَبْتِ رُقَادَ النَّاسِ كُلِّهُمُ """ لِذَاكَ جَفْنُكِ كَسْلانٌ مِنْ التّعَبِ
هَلْ ذاكَ لاَمِعُ بَرْقٍ لاَحَ مِنْ إِضمِ """ أَمْ ابْتَسَمْتِ فَهَذَأ بَارِقُ الشَّنَبِ
وَتِلكَ نَارُكِ بِالجَرْعَاءِ سَاطِعَةٌ """ أَمْ ذَاكَ خَدُّكِ وَهَّاجُ مِنَ اللَّهَبِ
لاَ أَنْقَذَ اللهُ مِنْ نَارِ الجَوَى أَبَداً """ قَلْبي الَّذي عَنْ هَوَاكُمْ غَيْرُ مُنْقَلِبِ
إِنْ عَذَبَتْهُ بِنَارٍ مِنَ مَحَبَّتِهَا """ نُعْمَ فَذَاكَ نَعِيمٌ غَيْرُ مُحْتَجُبِ
منْ رامَ ذِكْرَ سِوَاهَا يَلْتَمِسْ أَحَداً """ غَيْرِي فَذِكْرُ سِوَاهَا لَيْسَ مِنْ أَرَبي
إِنْ حَدَّثَتْهُ الأَمَانِي أَنَّنِي أَبداً """ أَسْلُوا هَوَاهَا فَقَدْ أَصْغَى إِلى الكَذِبِ



يَا حَبَذَا الكاَسُ بِكَفِّ الحَبِيبْ """ أَذَابَت الأَنَوْارَ وَسْطَ اللَّهِيبْ
وحَبَذَا الرَّاحُ الَّتِي لَمْ تَزَلْ """ تَصْرِفُنِي بِالسُّكْرِ حَتَّى أَغِيبْ
يَا غُصْنَ البَانِ أَدِرْ وَرْدَهُ """ والوَرْدُ في البَانِ لَعَمرِي عَجِيبْ
وَنَاوِلِ الأَقْمَارَ شُهْبَ الدُّجَى """ يَا شمْسُ والأَمْرُ أَيْضاً غَرِيبْ
أَفْدِيكَ مَا فِي صَبْوَتِي رَيْبَةٌ """ وَلاَ لِسُلْوَانِي بِقَلْبِ تَصِيبْ
فَاحْكُمْ بِمَا شئْتَ سِوَى جَفْوَتِي """ فِعْلُ حَبِيبي كُلُّهُ لي حَبِيبْ



لاَ تَلُمْ صَبْوَتِي فَمَنْ حَبَّ يَصْبُو """ إِنَّمَا يَرْحَمُ المُحِبَّ المُحِبُّ
كَيْفَ لا يُوقِدُ النَّسِيمُ غَرَامِي """ وَلَهُ فِي خِيَامِ لَيْلَى مَهَبُّ
مَا اعْتِذَارِي إِذَا خَبَتْ لِيَ نَارٌ """ وَحَبِيبي أَنْوَارُهُ لَيْسَ تَخْبُو



يَا نَسْمَةَ البَانِ هُبِّي """ عَلَى رُسُومِ المُحِبِّ
وَمَا عَلَيْكِ إِذَا مَا """ وَقَّدْتِ نِيْرَانَ قَلْبي
إنْ تَكْتُمِي سِرَّ لَيْلَى """ فطِيبُهَا عَنْهَا يُبْنِي
أَوْ لاَ فَمَا لَشَذَاهَا """ يُسْبِي العُقُولَ وَيُصْبِي
أهْدَتْ إِليَّ حَدِيثاً """ فَهِمْتَهُ دُونَ صَحْبِي
فَحَلَّ فِي الحَالِ سَلْبِي """ دُونَ الجَمِيعِ وَنَهْبِي
يَا طَالِباً حَيَّ لَيْلَى ذ """ ذَاتِي حِمَاهَا فَطُفْ بِي
وَنَادِ بَاسْمِي تَجِدْهَا """ عَلَى لِسَانِي تُلَبِيِّ



يَا ساكِنينَ بِقَلْبِي """ مَتَى أَفُوزُ بِقُرْبِ
سَلَبَتُمُونِي وَلَكِنْ """ أَنَا السَّعِيدُ بِسَلْبِي
يَا عُرْبَ وَاديَ المُصَلاَّ """ لأَنْتُمُ خَيْرُ عُرْبِ
نَزِيلُكُم مُسْتَهَامُ """ مُوَلَّهُ القَلْبِ مَسْبي
وَلَسْتُ أَسْلُو هَوَاكُمْ """ حَاشَا غَرَامِي وَحُبِّي
إذا رَضِيتُمْ تَلاَفِي """ فَذَاكَ مَطْلُوبُ قَلْبِي
رُوحِي لَكُمْ إِنْ قَبِلْتُمْ """ وَالرُّوحُ جَهْدُ المُحِبِّ
أَنْتُمْ ذَخِيرَةُ قَلْبِي """ يَوْمَ المَعَادِ وَحَسْبِي
عَشِقْتُكُمْ وَبِحَقِّي """ إِنْ تِهْتُ مِنْ فَرْطِ عُجْبي
وَمِلْتُ سُكْراً وَلِمْ لاَ """ وَمِنْكُمُ كَانَ شُرْبي
وَقَدْ سَقَانِي حَبِيبي """ وَخَصَّنِي دُونَ صَحْبِي
وَلَسْتُ بَعْدَ عَيَانِي """ جَهْراً سَنَا وَجْهِ رَبِّي
أَصْبُو لِرَنْدٍ وَبَانٍ """ وَذِكْرِ غَارٍ وَكُثْبِ



عَلَى حُبِّكُمْ أَنْفَقْتُ حَاصِلَ أَدْمُعِي """ وَغَيْرَ وَلاَكُمْ عَبْدُكُمْ مَا تَكَسْبا
وحَاشَكُمُ أَنْ تُبْعِدُوا عَنْ جَنَابِكُمْ """ حَلِيفَ هَوىً بالرُّوحِ فِيْكُمْ تَقَرَّبا
وَأَنْ تَهْجُروا مَنْ وَاصَلَ السُّهْدُ جَفْنَهُ """ وَهَذْبَ فِيْكُمْ عِشْقَهُ فَتَهَذَّبا
وَأَحْسنْتُمُ تَأْدِيبَهُ بِصُدُودِكُمْ """ فَلاَ تَهْجُروهُ بَعْدَ مَا قَدْ تَأَدَّبا
وَلِي مُهْجَةٌ دِينُ الصَّبَابَةِ دَيْنُهَا """ فَكَيْفَ تَرى عَنْكُمْ مَدَى الدَّهِرْ مَذْهَبا
وَلِي فِي ظِلاَلِ السِّرحَتَينِ تَنَزُّلٌ """ لَبِسْنَا بِهِ بُرْداً مِنَ الوَصْلِ مُذْهَبا
يَرُوقُكَ أَنْ يَرْوِي أَحَادِيثَ وُرْقِهِ """ وَتَصْبُوا إِلى الأَلْحَانِ شَجْواً فَتْطْرَبا
وَتَسْتَنْشِقَ الأَنْفَاسَ مِنْ نَسَمَاتِهِ """ فَتَفْهَمَ مَعْنَى الزَّهْرِ مِنْ مَنْطَقِ الصَّبا



أُحْكُمْ فَفِيكَ العَذَابُ عَذْبُ """ مَا بَعْدَ حُلْوِ الخِطَابِ خَطْبُ
لِي وَلَهُ فِي هَوَاكَ فَارَ """ وَدَمْعُ صَبٍّ عَلَيْكَ صَبُّ
وَمَا تَنَزَّهْتُ فِيكَ حَتَّى """ فِيكَ نُزِّهْتُ حِينَ أَصْبُو
وَأَمْكَنَنِي مِنْ لَمَاكَ بَرْقٌ """ مِنَ الحَيَا لاَ يَكَادُ يَخْبُو
يَا سَائِلي عَنْ شَذَا نَسِيمٍ """ قَمِيصُهُ بِالوِصَالِ رَطْبُ
ذَاكَ سَلاَمُ الحَبِيبِ وَافَى """ فِي عَهْدِهِ لِلِّثَامِ قُرْبُ
إِذَا تَجَلَّى عَلَى النَّدَامى """ فَهْوَ لَهُمْ خُضْرَةٌ وَشُرْبُ
وَعَاذِلِي عَادَ لِي بِلُطْفٍ """ تَكَادُ مِنْهُ الصِّبَا تَهِبُ
أَضْمَرَ غَدْراً فَعَادَ عُذْراً """ إذْ رُفِعَتْ للمُحِبِّ حُجْبُ



هَلُمُّوا فَعِنْدي لِلمَحَبَّةِ وَالهَوَى """ سِقَامُ غَرَامٍ لَسْتُ أُحْسِنُ طِبَّهُ
هِبُوا لِيَ جَفْناً يَمْلِكُ العَقْلُ دَمْعَهُ """ وَإِلاَّ فقَلْباً يَحْكُمُ الصَّبْرُ لُبَّهُ
هَوَتْ قَدَمي فِي الحُبِّ عَنْ غَيْرِ خِبْرَةٍ """ فَأَلْفَيْتَهُ حُلْوَ التَّجَرُّعِ عَذْبَهُ
هُوَ الشَّهْدُ مَمْزُوجاً بِسُمِّ وَعَلْقَمٍ """ أُؤَمَّلُ عَتْبَاهُ وَأَحْذَرُ عَتْبَهُ
هَوَيْتُ حَبِيباً لَسْتُ أَهْلاً لِحُبِّهِ """ وَأَنَّي لِمِثْلِي أَنْ يَكُونَ مُحِبَّهُ
هَلاَلُ فُؤَادِي كُلَّمَا ذُقتُ غَفْوَةً """ وَصُبْحُ عَيَانِي كُلَّمَا أَتَنَبَّهُ
هَمَمْتُ بِإِدْرَاكٍ فَقَصَّرتُ هَيَبةً """ وَعَجْزِي عَنِ الإِدْرَاكِ أَوْلَى وَأَشْبَهُ
هَفَا بِكَ قَلْبٌ أَنْتَ أَوْرَيْتَ زَنْدَهُ """ وَنَالكَ طَرْفٌ أَنْتَ أَهْمَلْتَ سَحْبَهُ
هَنِيِئاً لِهَذِي النَّفْسِ إِنْ كُنْتَ حِبّهَا """ وَطُوبَى لِهَذا القَلْبِ إِنْ كُنْتَ حِبَّهُ



بَدَا عَلَمٌ لِلحُبِّ يَمَّمْتُ نَحْوَهُ """ فَلَمْ أَنْقَلِبْ حَتَّى احْتَسَبْتُ بِهِ قَلْبِي
بَلَوْتُ الهَوىَ قَبْلَ الهَوىَ فَوَجَدْتُهُ """ إِسَاراً بِلاَ فَكٍّ سُقَاماً بِلاَ طِبِّ
بِرُوحِي حَبِيبٌ لاَ أُصَرِّحُ بِاسْمِهِ """ وَكُلًّ مُحِبٍّ فَهْوَ يُكْنِ عَنِ الحُبِّ
بَرانِي هَوَاهُ ظَاهِراً بَعْدَ بَاطِنٍ """ فَجِسْمِي بِلاَ رُوحٍ وَقَلْبِي بِلاَ لُبِّ
بِحُبِّكَ هَلْ لِي فِي لِقَائِكَ مَطْمَعٌ """ فَإِنِّيَ مِنْ كَرْبٍ عَلَيْكَ إلى كَرْبِ
بِكُلِّ طَرِيقٍ لي إِلَيْكِ مَنِيَّةٌ """ كَأَنِّي مَعَ الأَيّامِ بَعْدَكَ فِي حَرْبِ
بَكَيْتُ فَقَالُوا أَنْتَ بِالحُبِّ بَائِحٌ """ صَمَتُّ فَقَالُوا أَنْتَ خُلْوٌ مِنَ الحُبِّ
بَوَارِقُ لاَحَتْ لِلْوِصَالِ فَثَّمَّهَا """ فَيَا بَعْدَ بُعْدٍ قَدْ دَنَا زَمَنُ القُرْبِ
بَقِيتُ وَهَلْ يَبْقَى صَبٌ بهِ لَوْعَةٌ """ تُقَلِّبُهُ الأَشوَاقُ جَنْباً إِلى جَنْبِ
بَلَغْتُ المُنَى مِمَّنْ أُحِبُّ بِحُبِّهِ """ ولاَ بُدْ لِلمَرْبُوبِ مِنْ رَحْمَةِ الرَّبِّ



أَحِنُّ إِليْهَا وَهَىْ قَلْبي وَهَلْ تَرَى """ سِوَاىَ أَخُو وَجْدٍ يَحِنُّ لِقَلْبِهِ
وَيُحْجَبُ طَرْفِي عَنْهُ إِذْ هُوَ نَاظِرِي """ فَمَا بُعْدُهُ إلاَّ لإِفْرَاطِ قُرْبِهِ



مَا هَب مِنْ نحوكُمْ نَسِيمُ صَبَا """ إِلاَّ وَأَذْكَى بمُهْجَتِي لَهَبا
وَلاَ شَدَا مُطْربٌ بذِكْرِكُمْ """ إلاَّ وَنَادَى المَشُوُقُ واطرَبا
وَلاَ تَذكُرْتُ عِيشَةَ سَلفَتْ """ بالخِيفِ إلاَّ وَقلْتُ وَا حَرَبا
لا نَالَ مِنْكَ المَشُوُقُ بُغْيَتَهُ """ إِنْ كان يَوْماً إلى سِوَاكَ صَبَا
يَا حَبْذا لَوْعَتي عَليْكَ وَيَا """ بُشْرَاىَ إنْ مُتُّ فِيكَ مُكْتَئِبا
أحْبَابَنا هَلْ بقُرْبِكُمْ أَمَلُ """ أَمْ هَلْ بوَصْلِكُمُ أَرَى سَبَبا
آهاً لأَيَّامِنَا بقُرْبكُمُ """ وطِيبِ عَيْشٍ بِوَصْلِكُمْ ذهَبا
يَا سَائقَ العِيسِ نَحْوَ كاظِمَةٍ """ أَبْلغْ سَلامِي لِنَازِليِنَ قَبا
وقلْ قضَى ذلِكَ المَشُوُقُ بِكُمْ """ وَمَا قضَى مِنْ وصَالِكُمْ أَرَبا



أَيُنْكِرُ الوَجْدُ أَنِّي فِي الهَوىَ شَحِبُ """ وَدُونَ كُلِّ دُخَانٍ سَاطِعٍ لَهِبُ
وَمَا سَلَوتُ كَمَا ظَنَّ الوِشَاةُ وَلاَ """ أَسْلُو كَمَا يَتَرجَّى العَاذِلُ التَّعِبُ
فَإِنْ بَكَى لِصَبَابَاتِي عَذُولُ هَوىً """ فَلى بِمَا مِنْهُ يَبْكِى عَاذِلي طَرَبُ
نَاشَدْتُكَ الَّلهَ يَا رُوحي اذْهُبَى كَلَفاً """ بِحُبِّ قَوْمٍ عَنِ الجَرْعَاءِ قَدْ ذَهَبُوا
لاَ تَسْأَلِيْهُمْ ذِمَاماً فِي مَحَبَّتِهمْ """ فَطَالَمَا قَدْ وَفَا بِالذِّمَةِ العَرَبُ
هُمْ أَهْلُ وُدِّي وَهَذَا وَاجِبٌ لَهُمُ """ وَإِنَّمَا وُدهُمْ لي فَهْوَ لاَ يَجِبُ
هُمْ أَلْبَسُونِي سِقَاماً مِنْ جُفُونِهِمُ """ أَصْبَحْتُ أَرْفُلُ فِيهِ وَهْوَ يَنْسَحِبُ
وَصَيَّرَتْ أَدْمُعي حُمْراً خُدُودُهمُ """ فَكَيْفَ أَجْحَدُ مَا مَنُّوا وَمَا وَهَبُوا
هَلِ السَّلاَمَةُ إِلاَّ أَنْ أَمُوتَ بِهِمْ """ وَجْداً وَإِلاَّ فبُقْيَاىَ هُوَ العَطَبُ
إِنْ يَسْلُبُوا البَعْضَ مِنِّي فَالجَميعُ لَهُمْ """ وَإِنّ أَشْرفَ أَجْزَائِي الَّذِي سَلَبُوا



لِي فِي هَوَاكُمْ مَذْهَبٌ مُذْهَبُ """ ومَطْلَبٌ مَامِثْلُهُ مَطْلَبُ
أًَصْبَحْتُ عَبْداً رَاضِياً بالَّذِي """ تَرْضُونَ لاَ أَرْجُو وَلاَ أَرْهَبُ
إِذَا تَجَلَّى كَاسُ سَاقِيكُمُ """ كُنْتُ لَهُ أَوَّلَ مَنْ يَشْرَبُ
وَإِنْ تَغَنَّى بِاسْمِكُمْ مُنْشِدٌ """ فَإِنَّني أَوَّلُ مَنْ يَطْرَبُ
يَا قَمَراً في مُهْجَتِي لَمْ يَزَلْ """ مَطْلَعُهُ المَّشْرقُ وَالمَغْرِبُ
وَيَا غَزَالاً في فُؤادِي لَهُ """ مَرْعىً وَمِنْ دَمْعِي لَهُ مَشْرَبُ
مَا العَيْشُ إلاَّ في هَوَاكَ الَّذِي """ كُلُّ نَعِيمٍ فَلَهُ يُنْسَبُ



لَوْلاَ الحَيَاءُ وَأَنْ يُقَال صَبَا """ لَصَرَخْتُ مِلْءَ السَّمْعِ وَاطرَبا
حَضَرَ الحَبيبُ وَغابَ حَاسِدُنا """ مِنْ بَعْدِ طُولِ تَحَجُب وَخَبا
فَاليَوْمَ أخْلَعُ فِيكَ يا أَمَلي """ ثَوْبَ الوَقارِ وَأطْرَحُ الرُّتَبا



يَا عَاذِلي كُنْ عَاذِرِي فِي حُبِّهمْ """ لَمْ ألْقَ للسِّلْوَانِ عَنْهُمْ مَذهَبا
لاَ تَلْح فِيْهمْ مُغْرَماً أَلِفَ الضَّنَا """ يَجدُ السِّقَامَ بهُمْ لَذِيذاً طَيِّبا
نَزَلَ الغَرَامُ بِهِ فرَحْلَ صَبْرَهُ """ عَنْهُ وَخَيْمَ في حَشَاهِ وَطَنْبا
غِبْتُمْ وَأَنْتُمْ حَاضِرونَ بمُهْجَتي """ أفْدِي الحُضُورَ بمُهَجَتِي وَالغَيْبا



أُحِبُّ حَبِيباً لاَ أُسَمِّيهِ هَيْبَةً """ وَكَتْمُ الهَوَى لِلقَلْبِ أَنْكَى وَأَنْكَأُ
أَخَافَ عَلَيْهِ مِنْ هَوَاىَ فَكَيْفَ لاَ """ أَغَارُ عَلَيْهِ مِنْ سِوَاىَ وَأَبْرَأُ
أَبِيتُ أُعَانِي فِيهِ حَرَّ جَوَانِحِي """ وَبَيْنَ جُفُوني مَدْمَعٌ لَيْسَ يَرْقَأُ
أَرَاهُ بِقَلبِي كُلَّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ """ وَإنْ كُنتُ عَنْ وِرْدِ الوِصالِ أُحَلأُ
أَتاني كِتَابُ مِنْهُ قُمْتُ بِحَقِّهِ """ فَهَا أَنَا أبْكي مَا اسْتَطَعْتُ وأَقْرَأُ
أَتَانيِ هَوَاهُ مِلءُ سَمْعِي وَنَاظِرِي """ وَقَلْبي فَمَالِي مِنْهُ مَلْجاً وَمَنْجَأُ
أَغِثْني بِيَوْمٍ مِنْ لِقَائِكَ وَاحِدٍ """ فَإني بِيَوْمٍ مِنْ لِقَائِكَ أُجْزَأُ
أُغَالِطُ نَفْسِي مِنْكَ بِالوَصْلِ وَالرِّضَى """ وَمَنْ لي بِهِ وَهْوَ النَّعِيمُ المُهَنَّأُ



يَا قَاتِلي وَجَوَانِحِي أَبَداً """ تَشْتَاقُهُ فِي القُرْبِ والبُعْدِ
لَكَ أَنْ تَجُورَ عَليَّ يَا أَمَلي """ وَعَلَيَّ أَنْ أَرْضَى بِمَا تُبْدِي
وَلَئِنْ أَرَاقَ دَمِي هَوَاكَ فَيَا """ شَرَفِي وَيَا حَظِّي وَيَا سَعْدي
أَخْفَيْتُ حُبْكَ إِذْ خَفِيتَ ضَناً """ فَكَأَنَّنَا كُنَّا عَلى وَعْدِ



بِالَّلهِ لاَ تُرْسِلِ الجُفُونَ إِلى """ قَلْبِي فَمَا لِلقُلُوبِ مِنْ عَدَدِ
وَخلِّ جَفْنِي لاَ تُفِْنِهِ سِقماً """ لاَ بُدَّ لِلرُّوحِ فِيكَ مِنْ جَسَدِ
مَا خُلْدِيَ بِالقُرْبِ مِنْكَ فَلِمْ """ رَمَيْتَ سَهْمَ الجُفُونِ فِي خَلَدِي



فَدَيْتُكِ هَلْ أَذَبْتِ سِوَى جَمِيعي """ وَمِنيِّ هَلْ تَرَكْتِ سِوَى وِدَادِي
وكَيْفَ يَكُونُ فِيكِ خَفَاءُ وَجْدي """ وَهَذَا حُسْنُكِ الفَتَّانُ بَادِ



دُمُوعِي أَبَتْ إِلاَّ انْسِكَاباً لَعَلَّهَا """ بِمَكْنُونِ حُبِّي عِنْدَ حِبِّيَ تَشْهَدُ
دَنَوْتُ فَأَقْصَانِي فَعْدْتُ فَرَدَّنِي """ فَلاَ هُوَ يُدْنِينِي وَلاَ أَنَا أَبْعُدُ
دُهِيتُ بِفُقْدانٍ لِمَنْ قَدْ وَجَدْتُهُ """ فَلاَ مَدْمَعٌ يَرْقَا وَلاَ وَجْدُ يُحْمَدُ
دَبِيبُ الهَوىَ بَيْنَ الضُّلُوعِ مُؤَجَّجٌ """ لَهِيبُ اشْتيِاقي فِيه لِلقْلَبِ مُورِدُ
دَعَانِي فَمَنْ ذَاقَ الهَوىَ ثُمَّ لَمْ يَنَلْ """ وِصَالَ حَبِيبٍ كَيْفَ لاَ يَتَنَهَّدُ
دَعَاوىَ الأَسَى عِنْدي عَلَيْكَ صَحِيحَةٌ """ فَقَلْبِيَ خَفَّاقٌ وَجَفْنِي مُسَهَّدُ
دَمِي بِكَ مَسْفُوكٌ وَدَمْعِي مُسَفَّحٌ """ فَيَصْلُحُ قَلْبِي فِيكَ مِنْ حَيْثُ يَفْسَدُ
دَفَائِنُ حُبٍّ فِي لُحُودِ جَوَانِحِ """ لَهَا بِكَ حَشْرٌ كُلَّ يَوْمٍ وَمَوْعِدُ
دُجَايَ إِذَا وَاصَلْتَ يَوْمٌ مُؤَبَّدٌ """ وَيَوْمِي إِذَا أَبْعِدْتُ لَيْلُ مُسَرْمَدُ
دُنُوُّكَ أَقْصَى مَا أُحِبُّ وَأَشْتَهِي """ فَإِنْ نِلْتُهُ فَهْوَ النَّعيِمُ المُخَلَّدُ







التوقيع

***قال لقمان لابنه: يا بنى جالس العلماء، وزاحمهم بركبتيك، فإن الله يحيى القلوب بنور الحكمة، كما يحيى الأرض الميتة بوابل السماء***

رد مع اقتباس
 
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 12 13 14 16 17 18 19 20 21 22 23 24 26 27 28 29 30 31 34 35 36 37 38 39 41 42 43 44 46 53 54 57 58 59 62 63 64 66 67 70 71 72 73 74 75 77 78 79 80 81 82 83 84 85 86 87 88 89 90 91 92 93 94 95 96 97