عرض مشاركة واحدة
قديم 09-10-2015, 05:17 AM رقم المشاركة : 11
معلومات العضو
عضو

إحصائية العضو





 

الرفاعي غير متواجد حالياً

 


شكراً: 8
تم شكره 9 مرة في 9 مشاركة
كاتب الموضوع : الرفاعي المنتدى : رواق المكتبة
افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم
ـــــــــــــــــــــــــ

واعلم أن جميع أسمائه وصفاته، لا يدخله الترتيب بقبل ولا بعد، ولا بأول ولا بآخر، ولا يتوقف بحد ولا زمان، ولا يوصف بالتعقيب ولا بالتقديم ولا بالتأخير، فقوته كنه قدرته، وقدرته دوام بقائه، ومشيئته إرادته، ونظره سعة علمه، وعلمه مدى نظره، وكلامه مطلق، لا على الترتيب، فيعلم بنظره، وينظر بعلمه، خزائنه في كلامه، وقدرته في مشيئته، يخلق بيده إذا شاء، وبكلمته إذا شاء، وبإرادته متى شاء، وبمعاني صفاته كيف شاء، ولا يضطر إلى الكلام، ولا كلامه إليه، فما شاء كان، وما لم يشأ لم يكن، وصارت الأوائل والأواخر لديه كشيء واحد، وليس هى هو، ولا هى غيره، وقوله هو أمره، وأمره هو كلامه، وكلامه نور، وهدى، وشفاء، ورحمة، وفرقان، وقرآن، وهو صفة له قديمة، والأمر غير الخلق، وقوله الحق، وله الملك، والأمر، وخلق جميع المخلوقات، وأمره هو قوله كن، وبكن كانت جميع المكونات من المخلوقات، وبأمره كن كانت جميع المحدثات كلها، وصدرت منه، ووجدت عنه، وقوله ((للهِ الأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ)) أي قبل الخلق، ومن بعد الخلق كان أمره، والأشياء كلها إنما ظهرت عن كلامه، والكلام هو الأمر، وهو صفة ذاتية قديمة، وصفاته كلها آحاد كاملات تامات، غير محدودة، ولا مؤقتة، ولا مرتبة كالأوقات المرتبة، إذ الترتيب في النعوت من وصف الخلق والأدوات، والله سبحانه وتعالى ليس كمثله شيء في كل الصفات، صفاته قديمة بقدمه، وكائنة موجودة بعيانه، وليس هي ذات جهات فيتوجه بها إلى جهة دون جهة، ويدرك بصفة دون صفة، ولا ذاته ذات ذوات، فيقبل على مكان دون مكان، ولا يضطره الترتيب إلى المخلوقات، ولا يفكر في الأمور بأفكار محدثات فيشغله شأن عن شأن، ولا تدخل عليه الأعراض فيتغير عن مكان، ولا يَخْلُقْ بآلة فيستعين بسواه، ولا تعجزه قدرة فيحتاج إلى مباشرة يديه، لا يدركه الجهل لعلمه، ولا الفقر لغناه، ولا الذل لقدرته، ولا الضعف لقوته، ولا الفناء لبقائه، ولا التعب لصلاح قدرته، ولا الملل لفعله، ولا الكسل لصنعه، ولا البدء لمشيئته، ولا التغير لصفاته، ولا العرض لذاته، ولا النقص لكماله، سبحانه جلَّت قدرته.

قال الشاعر:

سُبْحَانَ مَنْ جَلَّتْ صِفَاتُ كَمالِهِ = لِكَماَلِـهِ وَجَمَالِـهِ وَجَـلاَلِـهِ

يُعْطِي وَيَمْنَعُ وَالْمَحاَمِدُ كَلُّهَـا = فيِ مَنْعِـهِ وَعَطَائِـهِ وَفِعَالِـهِ

وَالْعَبْدُ مَحْجُوبُ التَّصَرُّفِ جُمْلَةً = مَعْبُـودُهُ أَولَـى بِـهِ وَبِمَالِـهِ

لاَ يَسْتَفِيـدُ وَلاَ يُفِيـدُ لِنَفْسِـهِ = أَحَدٌ لنَقْـصِ حَيَاتِـهِ وَمِثاَلِـهِ


فالحق سبحانه إذا تكلم أظهر، وإذا شاء قدر، ومتى أحب ظهر، وبأي قدرة شاء استقر، هو عزيز في قربه، وقريب في علوه، حجب الذات بالصفات، وحجب الصفات بالأفعال، وكشف العلم بالإرادة، وأظهر الإرادة بالقدرة، أبرز القدرة بالحركات، وأخفى الصنع في الصنعة، وأظهر الصنعة بالأدوات، وهو باطن في غيبه وظاهر بحكمته، وقدرته غيب في إرادته، وإرادته حكمته، وحكمته شاهدة لمحكوماته، وهي مجاري قدرته، ومنعه سر صنعته، وهو علانية مشيئته، ليس له شبه في صنعة، ولا له مثل في كل ماهية، وفي هذا الإسم المفرد المتصف بالألوهية أربعة أحرف، ألف ولام ولام وهاء كما قيل:

أَحْرُفٌ أَرْبَعٌ بِهَا هَامَ قَلْبِـي = وَتَلاشَتْ بِهَا هُمُومي وَفِكْرِي

أَلِفٌ قَدْ تَأَلَّفَ الْخَلْقَ بِالصَّنْـ = ـعِ ولاَمٌ عَلَى الْمَلاَمَةِ تَجْرِي

ثُمَّ لاَمٌ زِيَادَةٌ فـيِ الْمَعَانِـي = ثُمَّ هَاءٌ بِهَـا أَهِيـمُ وأَدْرِي


ولكل حرف من هذه الأحرف معنى يختص به، كما أن لكل اسم من أسمائه تعالى معنى يختص به.

1 - فالألف: مشتق من الألفة والتأليف، ألف به جميع خلقه على توحيده ومعرفته، بأنه إلههم وموجدهم، وخالقهم ورازقهم، قال الله تعالى: ((وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللهُ)) وقال تعالى: ((وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقْ السَّموَاتِ وَالأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللهُ)) فانه تعالى كان ولا شئ معه كما هو الآن على ما عليه، كان ولا شئ قبله، ولا شئ بعده، فكأنه كما قال: (كُنْتُ كنْزاً لَمْ أُعْرَفْ فَأَرَدْتُ أًنْ أُعْرَفَ فَخَلَقْتُ خَلْقْاً فَعَرَّفْتُهُمْ بِي فبي عَرَفُونِي) وألف بين قلوب عباده، على محبته وعبادته وطاعته في الايمان والتوحيد، قال الله تعالى: ((لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ)) وألف كلمتهم على الاعتراف بعبوديته، والاقرار بوحدانيته وربوبيته، قال الله تعالى: ((إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا)).

قال الشاعر:

تَبَارَكَ مَنْ فَخْرِي بِأَنِّي لَهُ عَبْدُ = وَسُبْحَانَهُ سُبْحَانَهُ وَلَهُ الْحَمْـدُ

وَلَا مُلْك إلَّا مُلْكُهُ عَزَّ وَجْهُـهُ = هُوَ الْقَبْلُ فِي سُلْطَانِهِ وَهُوَ الْبَعْدُ


وألف قلوب عباده بالفضل والاحسان والعطاء، وجعله رزقاً مقسوماً لهم، تارة قبضاً وتارة بسطاً، قال الله تعالى: ((وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ . مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ . إنَّ اللهَ هُوَ الرَّزَّاقُ)) والألف أيضاً هو استفتاح لحروف المعجم، التي هي دلالته على معرفة المعاني ومفهومها، وهي كسوة لها، وصور تدل عليها غير حالة ووضعت المعاني، ولم توضع المعاني للحروف، لأن معناها في غيرها، والمعاني معناها في مفهومها مقام الأرواح، والأحرف مقام الأشباح، فجعلها الله لها صوراً واصدافاًن فالحروف لسان فعل الانسان، لأنها فعل في مفعوله، ومعانيها علوم في علوم.

واعلم أن الألف هو أشرف حروف المعجم خطراً...................

يتبع إن شاء الله تعالى






رد مع اقتباس
 
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 12 13 14 16 17 18 19 20 21 22 23 24 26 27 28 29 30 31 34 35 36 37 38 39 41 42 43 44 46 53 54 57 58 59 62 63 64 66 67 70 71 72 73 74 75 77 78 79 80 81 82 83 84 85 86 87 88 89 90 91 92 93 94 95 96 97