كتبَ الظَّلامُ على الوُجودِ سُطورا = والفجرُ أطلْعَ في البَرِيَّةِ نورَا
 
خطُّ الظَّلامِ أَفادَنا برُموزِهِ = أَنَّ المعاصي تُظلِمُ المَنْشورَا
 
والفجرُ أَفهَمَنا بريقُ ضِيائِهِ = أَنَّ الصَّلاحَ يُنَوِّرُ المَسْطُورَا
 
فاجعَلْ لقلبِكَ بالشُّهودِ رُقايَةً = ليكونَ دوماً ضاحِكاً مَسْرُورَا
 
واحْفَظْهُ من طمسِ الغَوايَةِ إنَّها = تدَعُ الفُؤادَ منكَّداً مَقْهُورَا
 
الوِزْرُ يهدِمُهُ ويَخْرِبُ رُكْنَهُ = والبِرُّ يجعَلُ حِصْنَهُ مَعْمُورَا
 
فاجْعلهُ منتَبِهاً بربِّكَ عامِراً = ليُريكَ من غيبِ الأَمورِ أُمُورَا
  
وأَذِبْهُ وألْبِسْهُ الخُشوعَ ومِرْطَهُ = وشِّحْهُ ذِكراً غيبَةً وحُضُورَا
 
وأطِرْهُ في حَضَراتِ حالٍ خالِصٍ = ليكون فيها سعيَهُ مَشْكُورَا
 
حقِّقْهُ بالإخْلاصِ واصْلِحْ شأنَهُ = بالذِّكرِ يغدو في العُلى مَذْكُورَا
 
فالعارِفونَ مرامُهُمْ مَذْكورُهُمْ = إنْ رامَ قومٌ جنَّةً وقُصُورَا
 
نهَضَتْ إلى مَقْصودِهِمْ هِمَّاتُهُمْ = وعليه أعواماً طوَتْ وشُهُورَا
 
عملُ المُحِبِّ أَغاثَهُ الإخْلاصُ بال = إِقْبالِ حتَّى أنْ غَدا مَبْرُورَا
 
فاخْلصْ بحبِّكَ والقَ حبَّكَ طيِّباً = إن رُمْتَ منه عنايَةً وظُهُورَا
 
وامْحَقْ صُنوفَ الحادِثاتِ لأجلِهِ = لتقومَ عنه بسِرِّهِ مَنْصُورَا
  
وبنيَّ إيَّاكَ القُنوط فكم وكم = نشَرَ الكَريمُ على العَديمِ سُتُورَا
 
ولكَمْ يُرى ذنْبُ الحَقيرِ لدى العَظيـ = ـمِ تعَزُّزاً بجَلالِهِ مغْفُورَا
 
وقُمِ الدُّجى في خلوَةٍ متبَتِّلاً = لتُعَدَّ عبداً للإلهِ شَكُورَا
 
ودعِ الحَسودَ وما افْتراهُ وكنْ على = عزمٍ يَروحُ بخِزْيِهِ مَحْقُورَا
 
واصبِرْ على البلوى اتِّباعاً إنَّه = كان النَّبيُّ على البَلاءِ صَبُورَا
 
واستَجْلِ من رُفُفِ الغُيوبِ مسرَّةً = تدَعُ الكَسيرَ بلُطْفِها مَجْبُورَا
 
ولَكَمْ طمى حزنٌ بعتْمٍ طامِسٍ = وعليه قدْ رشَّ الكَريمُ النُّورا
 
إيَّاكَ والدُّنيا فَجانِبْها فقدْ = قامتْ مَتاعاً للبَصيرِ غُرُورَا
 
إنْ أَقبلَتْ خُذْها ولا تعبأْ بها = أو أدبَرَتْ دعْها ونَمْ مَسْرُورَا
 
آياتُ حكمَتِهِ وحكمُ جَنابِهِ = والكلُّ كانَ بلوحِهِ مَسْطُورَا
 
واسْلَمْ بتسليمٍ شُموسُ نِظامِهِ = شرَحَتْ لأَرْبابِ القُلُوبِ صُدُورَا
  
وغَرِ الزَّمانَ على الحَبيبِ فقد ترَى = أنَّ المحِبَّ على الحَبيبِ غَيُورَا
 
وارقُبْ بِشاراتِ السَّماءِ فإنَّها = نقَشَتْ على صُحُفِ القُلُوبِ سُطُورَا
  
تَفْتَرُّ عن حالٍ خفِيٍّ مُبْهَمٍ = وتَراهُ ضمنَ خِلالِها مَنْظُورَا
  
فلْيَغْشَ منكَ الطَّوقَ حُبًّا باللِّقا = وتَذَكَّرَنْ إذْ حلَّ موسى الطُّورا
 
واجْهَدْ فإنْ ما مُتَّ في طُرُقِ الهَوَى = قدْ متَّ مَعْذوراً بها مأجُورَا