عرض مشاركة واحدة
قديم 03-11-2018, 03:00 PM رقم المشاركة : 10
معلومات العضو
عضو

إحصائية العضو





 

الرفاعي غير متواجد حالياً

 


شكراً: 8
تم شكره 9 مرة في 9 مشاركة
كاتب الموضوع : الرفاعي المنتدى : رواق المكتبة
افتراضي

ثم تلقاه المركب الخامس: وهو الرفرف من نور أخضر، قد سد ما بين الخافقين، فركبه حتى انتهى به إلى العرش، فتمسك العرش بأذياله، وناداه بلسان حاله، وقال: يا محمد، إلى متى تشرب من صفاء وقتك آمنا من معتكره؟ تارة يتشوق إليك حبيبك وينزل إلى سماء الدنيا، وتارة يطوف بك على ندمان حضرته، ويحملك على رفرف رأفته " سبحان الذي أسرى بعبده " وتارة يشهدك جمال أحاديثه " ما كذب الفؤاد ما رأى " ، وتارة يشهدك جمال صمدانيته " ما زاغ البصر وما طغى " وتارة يطلعك على سرائر ملكوتيته " فأوحى إلى عبده ما أوحى " ، وتارة يدنيك من حضرة قربه " فكان قاب قوسين أو أدنى ".

يا محمد، هذا أوان الظمآن إليه، واللهفان عليه، والمتحير فيه، لا أدري من أي جهة آتيه، جعلني أعظم خلقه، فكنت أعظمهم وأشدهم خوفا منه، يا محمد، خلقني يوم خلقني فكنت أرعد من هيبة جلاله، فكتب على قائمتي: لا إله إلا الله، فازددت لهيبة اسمه ارتعادا وارتعاشا، فلما كتب علي: محمد رسول الله سكن لذلك قلقي، وهدأ روعي، فكان اسمك أمانا لقلبي، وطمأنينة لسري، ورقية لقلقي، فهذه بركة وضع اسمك علي، فكيف إذا وقع جميل نظرك إلي؟.

يا محمد، أنت المرسل رحمة للعالمين، ولا بد لي من نصيب في هذه الليلة، ونصيبي من ذلك أن تشهد لي بالبراءة من النار، مما نسبه إلي أهل الزور، وتقوله علي أهل الغرور، فإنه أخطأ في قوم فضلّوا وظنوا أني أسع من لا حد له، وأحمل من لا هيئة له، وأحيط بمن لا كيفية له.

يا محمد، من لا حد لذاته، ولا عد لصفاته، فكيف يكون مفتقرا إلي أو محمولا علي؟ فإذا كان الرحمن اسمه، والاستواء صفته ونعته، وصفته ونعته متصلان بذاته، فكيف يتصل بي أو ينفصل عني؟ ولا أنا منه ولا هو مني؟!!

يا محمد، وعزته لست بالقرب منه وصلا، ولا بالبعد عنه فصلا، ولا بالمطيق له حملا، ولا بالجامع له شملا، ولا بالواجد له مثلا، بل أوجدني من رحمته منة وفضلا، ولو محقني لكان فضلا منه وعدلا.

يا محمد، أنا محمول قدرته، ومعمول حكمته، فكيف يصح أن يكون الحامل محمولا؟ " فلا تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسئولا ".

فأجابه لسان حاله صلى الله عليه وسلم: أيها العرش، إليك عني؛ فأنا مشغول عنك، فلا تكدر علي صفوتي، ولا تشوش علي خلوتي، فما في الوقت سعة لعتابك، ولا محل لخطابك، فما أعاره صلى الله عليه وسلم طرفا، ولا قرأ من مسطور ما أوحى إليه حرفا " ما زاغ البصر ".






رد مع اقتباس
 
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 12 13 14 16 17 18 19 20 21 22 23 24 26 27 28 29 30 31 34 35 36 37 38 39 41 42 43 44 46 53 54 57 58 59 62 63 64 66 67 70 71 72 73 74 75 77 78 79 80 81 82 83 84 85 86 87 88 89 90 91 92 93 94 95 96 97