بسم الله الرحمن الرحيم
هذه القصيدة لسيدي وشيخي السيد محمد مهدي بهاء الدين الصيادي الرفاعي الحسيني الشهير بـ( الرواس ) رضي الله عنه وأرضاه
كتبَ الظَّلامُ على الوُجودِ سُطورا = والفجرُ أطلْعَ في البَرِيَّةِ نورَا
خطُّ الظَّلامِ أَفادَنا برُموزِهِ = أَنَّ المعاصي تُظلِمُ المَنْشورَا
والفجرُ أَفهَمَنا بريقُ ضِيائِهِ = أَنَّ الصَّلاحَ يُنَوِّرُ المَسْطُورَا
فاجعَلْ لقلبِكَ بالشُّهودِ رُقايَةً = ليكونَ دوماً ضاحِكاً مَسْرُورَا
واحْفَظْهُ من طمسِ الغَوايَةِ إنَّها = تدَعُ الفُؤادَ منكَّداً مَقْهُورَا
الوِزْرُ يهدِمُهُ ويَخْرِبُ رُكْنَهُ = والبِرُّ يجعَلُ حِصْنَهُ مَعْمُورَا
فاجْعلهُ منتَبِهاً بربِّكَ عامِراً = ليُريكَ من غيبِ الأَمورِ أُمُورَا
وأَذِبْهُ وألْبِسْهُ الخُشوعَ ومِرْطَهُ = وشِّحْهُ ذِكراً غيبَةً وحُضُورَا
وأطِرْهُ في حَضَراتِ حالٍ خالِصٍ = ليكون فيها سعيَهُ مَشْكُورَا
حقِّقْهُ بالإخْلاصِ واصْلِحْ شأنَهُ = بالذِّكرِ يغدو في العُلى مَذْكُورَا
فالعارِفونَ مرامُهُمْ مَذْكورُهُمْ = إنْ رامَ قومٌ جنَّةً وقُصُورَا
نهَضَتْ إلى مَقْصودِهِمْ هِمَّاتُهُمْ = وعليه أعواماً طوَتْ وشُهُورَا
عملُ المُحِبِّ أَغاثَهُ الإخْلاصُ بال = إِقْبالِ حتَّى أنْ غَدا مَبْرُورَا
فاخْلصْ بحبِّكَ والقَ حبَّكَ طيِّباً = إن رُمْتَ منه عنايَةً وظُهُورَا
وامْحَقْ صُنوفَ الحادِثاتِ لأجلِهِ = لتقومَ عنه بسِرِّهِ مَنْصُورَا
وبنيَّ إيَّاكَ القُنوط فكم وكم = نشَرَ الكَريمُ على العَديمِ سُتُورَا
ولكَمْ يُرى ذنْبُ الحَقيرِ لدى العَظيـ = ـمِ تعَزُّزاً بجَلالِهِ مغْفُورَا
وقُمِ الدُّجى في خلوَةٍ متبَتِّلاً = لتُعَدَّ عبداً للإلهِ شَكُورَا
ودعِ الحَسودَ وما افْتراهُ وكنْ على = عزمٍ يَروحُ بخِزْيِهِ مَحْقُورَا
واصبِرْ على البلوى اتِّباعاً إنَّه = كان النَّبيُّ على البَلاءِ صَبُورَا
واستَجْلِ من رُفُفِ الغُيوبِ مسرَّةً = تدَعُ الكَسيرَ بلُطْفِها مَجْبُورَا
ولَكَمْ طمى حزنٌ بعتْمٍ طامِسٍ = وعليه قدْ رشَّ الكَريمُ النُّورا
إيَّاكَ والدُّنيا فَجانِبْها فقدْ = قامتْ مَتاعاً للبَصيرِ غُرُورَا
إنْ أَقبلَتْ خُذْها ولا تعبأْ بها = أو أدبَرَتْ دعْها ونَمْ مَسْرُورَا
آياتُ حكمَتِهِ وحكمُ جَنابِهِ = والكلُّ كانَ بلوحِهِ مَسْطُورَا
واسْلَمْ بتسليمٍ شُموسُ نِظامِهِ = شرَحَتْ لأَرْبابِ القُلُوبِ صُدُورَا
وغَرِ الزَّمانَ على الحَبيبِ فقد ترَى = أنَّ المحِبَّ على الحَبيبِ غَيُورَا
وارقُبْ بِشاراتِ السَّماءِ فإنَّها = نقَشَتْ على صُحُفِ القُلُوبِ سُطُورَا
تَفْتَرُّ عن حالٍ خفِيٍّ مُبْهَمٍ = وتَراهُ ضمنَ خِلالِها مَنْظُورَا
فلْيَغْشَ منكَ الطَّوقَ حُبًّا باللِّقا = وتَذَكَّرَنْ إذْ حلَّ موسى الطُّورا
واجْهَدْ فإنْ ما مُتَّ في طُرُقِ الهَوَى = قدْ متَّ مَعْذوراً بها مأجُورَا
المصدر: ديوان مشكاة اليقين ومحجة المتقين صفحة 147 + 148 + 149