اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد، اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد، اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد، اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد بسم الله الرحمن الرحيم

اللهُ أكبرُ اللهُ أكبرُ اللهُ أكبرُ، لا إلهَ إلَّا الله، واللهُ أكبر اللهُ أكبر، ولله الحَمد _ كتاب بوارق الحقائق لطاهر الأنفاس سيدى الرواس اضغط هنا للقراءة كتاب بوارق الحقائق


العودة   منتدى شبكة الصوفية > الساحة اﻹسلامية العامة > رواق المكتبة


شجرة الكون لسيدي الشيخ محي الدين إبن عربي رضي الله عنه

رواق المكتبة


إنشاء موضوع جديد  إضافة رد
المنتدى المشاركات الجديدة ردود اليوم شاهدة المشاركات المشاركة التالية
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 03-11-2018, 02:02 PM رقم المشاركة : 31
معلومات العضو
عضو

إحصائية العضو





 

الرفاعي غير متواجد حالياً

 


شكراً: 8
تم شكره 9 مرة في 9 مشاركة
كاتب الموضوع : الرفاعي المنتدى : رواق المكتبة
افتراضي

واعلم أنه إنما كانت حكمة خلقه كذلك أنه خلق من لطيف وكثيف، ليكون كامل الخلق، كامل الوصف، خلقه الله تعالى من ضدين: جسماني وروحاني، فجعل جسمانيته وبشريته لملاقاة البشر، ومقايسات الصور، فجعل له قوة يلاقي بها البشر فيمدهم بمادة بشريته، فيكون معهم بهم، فيكون هم لهم " إنما أنا بشر مثلكم "، يجانسهم ويشاكلهم، لأنه لو برز إليهم في هيئة روحانية ملكية نورانية لما أطاقوا مقابلته، وما استطاعوا مقاومته، فلذلك منَّ الله تعالى بقوله: " لقد جاءكم رسول من أنفسكم "، ثم جعل له قوة وروحانية يقابل بها عالم الروحانيين، وملكوت العلويين، ليكون تام البركة، تام الرحمة، الروحانيون يشهدون جسمانيته.

ثم جعل له وصفا ثالثا خاصا خارجا عن هذين الوصفين، وهو أنه جعل فيه وصفا ربانيا وسرا إلهيا يثبت به عند تجلي صفات الربوبية، ويطيق به مشاهدة الحضرة الإلهية، ويتلقى به أسرار أنوار الفردانية، ويسمع به خطاب الإشارات القدسية، وينشق به عطر النفحات الرحمانية، ويعرج به إلى المقامات العذبة البهية، وهو معنى قوله صلى الله عليه وسلم: " لست كأحد منكم "، وقوله صلى الله عليه وسلم: " لي وقت لا يسعني فيه غير ربي سبحانه "، فهذا المقام ليس يختص به مَلَكٌ مقرب ولا نبيٌّ مرسل، كأس لم يتناوله سواه، عروس ما جليت إلا عليه، وهو هذا المقام المخصوص به، وهو أحد المقامات الأربعة التي ذكرناها، وأما الثلاثة الأخر فإنها كرامات لسائر الخلق، ليتناول كلٌّ منهم ما قسم له من النصيب.






رد مع اقتباس
قديم 03-11-2018, 02:08 PM رقم المشاركة : 32
معلومات العضو
عضو

إحصائية العضو





 

الرفاعي غير متواجد حالياً

 


شكراً: 8
تم شكره 9 مرة في 9 مشاركة
كاتب الموضوع : الرفاعي المنتدى : رواق المكتبة
افتراضي

فأما المقام المحمود فمخصوص بعالم الصورة، وهو عالم الملك في الدنيا، فيتناولهم وجود طمأنينته، وبركة نبوته ورسالته " وما أرسلناك إلا رحمةً للعالمين " أقيم على منبر " يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك... الآية، فهو في الدعوة مجيبهم، وفي النصيحة خطيبهم، ومن الزلزلة طبيبهم، ومن المحبة نصيبهم، فهذا مخصوص بأهل الدنيا.

وأما المقام الثاني فهو المقام المحمود في القيامة، وذلك نصيب الملأ الأعلى، فينالهم من بركة مقامه، ومشاهدة جماله، وسماع كلامه " يوم يقوم الروح والملائكة... الآية، يؤذن له في الخطاب، فيقوم خطيبا والملائكة صفوفا، والخلائق وقوفا، فيفتتح خطبته بالشفاعة لأمته، ينادي: " أمتي أمتي " فيجيبه: " رحمتي رحمتي ".

وأما المقام الثالث فالشهود، وذلك في دار الخلود، لينال أهل الجنة منه نصيبهم، تتمتع بمشاهدته الحور، وتتشرف بحلوله القصور، ويقدم لقدومه السرور، وتزداد الجنة نورا، وترفع بقدومه الحجب وتزول الشرور.

المقام الرابع هو المقام الذي خُصَّ به صلى الله عليه وسلم، وهو مقام رؤية المعبود جل وعلا، وهو مقام قاب قوسين أو أدنى.

وذلك أنه لما كان ثمرةَ شجرة الكون، ودرةَ صدفة الوجود وسره، ومعنى كلمة " كن "، ولم تكن الشجرة مرادة لذاتها، وإنما كانت مرادة لثمرتها، فهي محمية محروسة لاجتناء ثمرتها، واستجلاء زهرتها.






رد مع اقتباس
قديم 03-11-2018, 02:21 PM رقم المشاركة : 33
معلومات العضو
عضو

إحصائية العضو





 

الرفاعي غير متواجد حالياً

 


شكراً: 8
تم شكره 9 مرة في 9 مشاركة
كاتب الموضوع : الرفاعي المنتدى : رواق المكتبة
افتراضي

فلما كان المراد عرض هذه الثمرة بين يدي مثمرها، وزفها إلى حضرة قربه، والطواف بها على ندمان حضرته، قيل له: يا يتيم أبي طالب، قم فإن لك طالبًا، قد ادخر لك مطالب، فأرسل إليه أخص خدام الملك، فلما ورد عليه قادما، وافاه على فراشه نائما، فقال له: يا جبريل؛ إلى أين؟ فقال: يا محمد؛ ارتفع الأين من البين، فإني لا أعرف في هذه النوبة أين؟ لكني رسول القدم، أرسلت إليك من جملة الخدم " وما نتنزل إلا بأمر ربك " قال: يا جبريل، فما الذي مراد مني؟ قال: أنت مراد الإرادة، ومقصود المشيئة، فالكل مرادٌ لأجلك، وأنت مراد لأجله، وأنت مختار الكون، أنت صفوة كأس الحب، أنت درة هذه الصدفة، أنت ثمرة هذه الشجرة، أنت شمس المعارف، أنت بدر اللطائف، ما مهدت الدار إلا لرفعة محلك، ما هيئ هذا الجمال إلا لوصلك، ما روق كأس المحبة إلا لشربك، فقم فإن الموائد لكرامتك ممدودة، والملأ الأعلى يتباشرون بقدومك عليهم، والكروبيون يتهللون بورودك إليهم، وقد نالهم شرف روحانيتك، فلا بد لهم من نصيب جسمانيتك، فشرّف عالم الملكوت كما شرفت عالم الملك، وشرف بوطء قدميك قمة السماء، كما شرفت بهما أديم البطحاء.






رد مع اقتباس
قديم 03-11-2018, 02:26 PM رقم المشاركة : 34
معلومات العضو
عضو

إحصائية العضو





 

الرفاعي غير متواجد حالياً

 


شكراً: 8
تم شكره 9 مرة في 9 مشاركة
كاتب الموضوع : الرفاعي المنتدى : رواق المكتبة
افتراضي

قال: يا جبريل؛ الكريم يدعوني فماذا يفعل بي؟ قال: ليغفر لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر، قال: هذا لي؛ فما لعيالي وأطفالي؟ فإن شر الناس من أكل وحده، قال: " ولسوف يعطيك ربُّك فترضى "، قال: يا جبريل؛ الآن طاب قلبي، ها أنا ذاهبٌ إلى ربي، فقرب له البراق، فقال: مالي بهذا؟ قال: مركب العشاق، قال: أنا مركبي شوقي، وزادي توقي، ودليلي ليلي، أنا لا أصل إليه إلا به، ولا يدلني عليه إلا هو، وكيف يطيق حيوانٌ ضعيف أن يحمل من يحمل أثقال محبته؟ ورواسي معرفته؟ وأسرار أمانته التي عجزت عن حملها السموات والأرض والجبال؟.

وكيف تطيق أن تدل بي و أنت الحائر عند سدرة المنتهى , و قد انتهى إلى حضرة ليس لها منتهى , يا جبريل : أين أنت منى و لى و قت لا يسعني فيه غير ربي . يا جبريل إذا كان محبوبي ليس كمثله شيء، فأنا لست كأحدكم، المركوب يقطع به المسافات، والدليل يستدل به إلى الجهات، وإنما ذلك محل المحدثات، وأنا حبيبي مقدس عن الجهات، منزه عن الحدثات، لا يوصل إليه بالحركات، ولا يستدل عليه بالإشارات، فمن عرف المعاني عرف ما أعاني، هلم إن قربي منه مثل قاب قوسين أو أدنى.






رد مع اقتباس
قديم 03-11-2018, 02:31 PM رقم المشاركة : 35
معلومات العضو
عضو

إحصائية العضو





 

الرفاعي غير متواجد حالياً

 


شكراً: 8
تم شكره 9 مرة في 9 مشاركة
كاتب الموضوع : الرفاعي المنتدى : رواق المكتبة
افتراضي

فوقعت هيئة الوقت على جبريل؛ فقال: يا محمد إنما جيء بي لأكون خادم دولتك، وصاحب حاشيتك، وجيء بالمركب إليك لإظهار كرامتك، لأن الملوك من عاداتهم إذا استزاروا حبيبا، أو استدعوا قريبا، وأرادوا ظهور كرامتهم واحترامهم أرسلوا أخص خدامهم، وأعز دوابهم لنقل أقدامهم، فجئناك على رسم عادة الملوك، وآداب السلوك، ومن اعتقد أنه سبحانه وتعالى يوصل إليه بالخُطا وقع في الخَطا، ومن ظن أنه محجوبٌ بالغطاء، فقد حرم العطاء.






رد مع اقتباس
قديم 03-11-2018, 02:36 PM رقم المشاركة : 36
معلومات العضو
عضو

إحصائية العضو





 

الرفاعي غير متواجد حالياً

 


شكراً: 8
تم شكره 9 مرة في 9 مشاركة
كاتب الموضوع : الرفاعي المنتدى : رواق المكتبة
افتراضي

يا محمد إن الملأ الأعلى في انتظارك، والجنان قد فتحت أبوابها، وزخرفت رحابها، وتزينت أترابها، وروق شرابها، كل ذلك فرحا بقدومك، وسرورا بورودك، والليلة ليلتك، والدولة دولتك، وأنا منذ خلقت منتظر هذه الليلة، وقد جعلتك الوسيلة في حاجة، قلَّت فيها حيلتي، وانقطعت وسيلتي، فأنا فيها حائر العقل، ذاهل الفكر، داهش السر، مشغول البال، زائد البلبال، يا محمد؛ حيرتي أوقفتني في ميادين أزله وأبده، فجلت في الميدان الأول فما وجدت له أول، وملت إلى الميدان الآخر، فإذا هو في الآخر أول، فطلبت رفيقا إلى ذلك الرفيق، فتلقاني ميكائيل في الطريق، فقال لي: إلى أين؟ الطريق مسدودة، والأبواب دونه مردودة، لا يوصل إليه بالأزمان المعدودة، ولا يوجد في الأماكن المحدودة، قلت: فما وقوفك في هذا المقام؟ قال: شغلني بمكاييل البحار، وإنزال الأمطار، وإرسالها في سائر الأقطار، فأعرف كم أجاجها مددا، وكم تقذف أمواجها زبدا، ولا أعرف للأحدية أمدا، ولا للفردية عددا.

قلت: فأين إسرافيل؟ قال: أدخل في مكتب التعليم، يصافح بصفحة وجهه اللوح المحفوظ، ويستنسخ منه ما هو مبروم ومنقوض، ثم يقرأ على صبيان التعليم في مثال: " ذلك تقدير العزيز العليم ".

ثم هو في زمن تعلمه لا يرفع رأسه حياءً من معلمه، فطرفه عن النظر مقصور، وقلبه عن الفكر محصور، فهو كذلك إلى يوم ينفخ في الصور.






رد مع اقتباس
قديم 03-11-2018, 02:43 PM رقم المشاركة : 37
معلومات العضو
عضو

إحصائية العضو





 

الرفاعي غير متواجد حالياً

 


شكراً: 8
تم شكره 9 مرة في 9 مشاركة
كاتب الموضوع : الرفاعي المنتدى : رواق المكتبة
افتراضي

قلت: فهلم نسأل العرش ونستهديه، ونستنسخ منه ما علمه ونستمليه، فلما سمع العرش ما نحن فيه، اهتز طربا، وقال: لا تحرك به لسانك، ولا تحدث به جَنانَك، فهذا سر لا يكشفه حجاب، وسِتر لا يفتح دونه باب، وسؤال ليس له جواب، ومن أنا في البين حتى أعرف له أين؟ وما أنا إلا مخلوق من حرفين، وبالأمس كنت لا أثر ولا عين.

من كان بالأمس عدما مفقودا، كيف يعرف رؤية من لم يزل موجودا، ولا والدا ولا مولودا، وهو سبقني بالاستواء، وقهرني بالاستيلاء، فلولا استواؤه لما استويت، ولولا استيلاؤه لما اهتديت.

ستوى إلى السماء وهي دخان، واستوى على العرش لقيام البرهان، فوعزته لقد استوى، ولا علم لي بما استوى، وأنا والثرى بالقرب منه على حد سوى، فلا أحيط بما حوى، ولا أعرف ما زوى، ولكني عبد له؛ ولكل عبد ما نوى.






رد مع اقتباس
قديم 03-11-2018, 02:47 PM رقم المشاركة : 38
معلومات العضو
عضو

إحصائية العضو





 

الرفاعي غير متواجد حالياً

 


شكراً: 8
تم شكره 9 مرة في 9 مشاركة
كاتب الموضوع : الرفاعي المنتدى : رواق المكتبة
افتراضي

ثم إني أخبرك بقصتي، وأبث إليك شكوى غصتي، أقسم بعلي عزته، وقوي قدرته، لقد خلقني، وفي بحار أحديته غرقني، وفي بيداء أبديته حيرني، تارة يطلع من مطالع أبديته فينعشني، وتارة يدنيني من مواقف قربه فيؤنسني، وتارة يحتجب بحجاب عزته فيوحشني، وتارة يناجيني بمناجاة لطفه فيطربني، وتارة يواصلني بكاسات حبه فيسكرني، وكلما استعذبت من عربدة سكري قال لسان أحديته: " لن تراني "، فذبت من هيبته فرقا، وتمزقت من محبته قلقا، وصعقت عن تجلي عظمته كما خر موسى صعقا.

فلما أفقت من سكرة وجدي به قيل لي: أيها العاشق هذا جمال قد صناه، وحسن قد حجبناه، فلا ينظره إلا حبيب قد اصطفيناه، ويتيم قد ربيناه، فإذا سمعت: " سبحان الذي أسرى بعبده " فقف على طريق عروجه إلينا، وقدومه علينا، لعلك ترى من يرانا، وتفوز بمشاهدة من لم ينظر إلى سوانا.






رد مع اقتباس
قديم 03-11-2018, 02:52 PM رقم المشاركة : 39
معلومات العضو
عضو

إحصائية العضو





 

الرفاعي غير متواجد حالياً

 


شكراً: 8
تم شكره 9 مرة في 9 مشاركة
كاتب الموضوع : الرفاعي المنتدى : رواق المكتبة
افتراضي

يا محمد إذا كان العرش مشوقا إليك، فكيف لا أكون خادم يديك؟

قدم إليه مركبه الأول: وهو البراق إلى بيت المقدس.

ثم المركب الثاني: وهو المعراج إلى سماء الدنيا.

ثم المركب الثالث: وهو أجنحة الملائكة من سماء إلى سماء، وهكذا إلى السماء السابعة.

ثم المركب الرابع: وهو جناح جبريل عليه السلام إلى سدرة المنتهى؛

فتخلف جبريل عليه السلام عندها، فقال: يا جبريل، نحن الليلة أضيافك، فكيف يتخلف المضيف عن ضيفه؟ أههنا يترك الخليل خليله؟ قال: يا محمد؛ أنت ضيف الكريم، ومدعو القديم، لو تقدمتُ الآن بقدر أنملة لاحترقت " وما منا إلا له مقامٌ معلوم " قال: يا جبريل؛ إذا كان كذلك ألك حاجة؟ قال: نعم؛ إذا انتهى بك إلى الحبيب حيث لا منتهى، وقيل لك: ها أنت وها أنا، فاذكرني عند ربك، ثم زج به جبريل عليه السلام زجة فخرق به سبعين ألف حجاب من نور.






رد مع اقتباس
قديم 03-11-2018, 03:00 PM رقم المشاركة : 40
معلومات العضو
عضو

إحصائية العضو





 

الرفاعي غير متواجد حالياً

 


شكراً: 8
تم شكره 9 مرة في 9 مشاركة
كاتب الموضوع : الرفاعي المنتدى : رواق المكتبة
افتراضي

ثم تلقاه المركب الخامس: وهو الرفرف من نور أخضر، قد سد ما بين الخافقين، فركبه حتى انتهى به إلى العرش، فتمسك العرش بأذياله، وناداه بلسان حاله، وقال: يا محمد، إلى متى تشرب من صفاء وقتك آمنا من معتكره؟ تارة يتشوق إليك حبيبك وينزل إلى سماء الدنيا، وتارة يطوف بك على ندمان حضرته، ويحملك على رفرف رأفته " سبحان الذي أسرى بعبده " وتارة يشهدك جمال أحاديثه " ما كذب الفؤاد ما رأى " ، وتارة يشهدك جمال صمدانيته " ما زاغ البصر وما طغى " وتارة يطلعك على سرائر ملكوتيته " فأوحى إلى عبده ما أوحى " ، وتارة يدنيك من حضرة قربه " فكان قاب قوسين أو أدنى ".

يا محمد، هذا أوان الظمآن إليه، واللهفان عليه، والمتحير فيه، لا أدري من أي جهة آتيه، جعلني أعظم خلقه، فكنت أعظمهم وأشدهم خوفا منه، يا محمد، خلقني يوم خلقني فكنت أرعد من هيبة جلاله، فكتب على قائمتي: لا إله إلا الله، فازددت لهيبة اسمه ارتعادا وارتعاشا، فلما كتب علي: محمد رسول الله سكن لذلك قلقي، وهدأ روعي، فكان اسمك أمانا لقلبي، وطمأنينة لسري، ورقية لقلقي، فهذه بركة وضع اسمك علي، فكيف إذا وقع جميل نظرك إلي؟.

يا محمد، أنت المرسل رحمة للعالمين، ولا بد لي من نصيب في هذه الليلة، ونصيبي من ذلك أن تشهد لي بالبراءة من النار، مما نسبه إلي أهل الزور، وتقوله علي أهل الغرور، فإنه أخطأ في قوم فضلّوا وظنوا أني أسع من لا حد له، وأحمل من لا هيئة له، وأحيط بمن لا كيفية له.

يا محمد، من لا حد لذاته، ولا عد لصفاته، فكيف يكون مفتقرا إلي أو محمولا علي؟ فإذا كان الرحمن اسمه، والاستواء صفته ونعته، وصفته ونعته متصلان بذاته، فكيف يتصل بي أو ينفصل عني؟ ولا أنا منه ولا هو مني؟!!

يا محمد، وعزته لست بالقرب منه وصلا، ولا بالبعد عنه فصلا، ولا بالمطيق له حملا، ولا بالجامع له شملا، ولا بالواجد له مثلا، بل أوجدني من رحمته منة وفضلا، ولو محقني لكان فضلا منه وعدلا.

يا محمد، أنا محمول قدرته، ومعمول حكمته، فكيف يصح أن يكون الحامل محمولا؟ " فلا تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسئولا ".

فأجابه لسان حاله صلى الله عليه وسلم: أيها العرش، إليك عني؛ فأنا مشغول عنك، فلا تكدر علي صفوتي، ولا تشوش علي خلوتي، فما في الوقت سعة لعتابك، ولا محل لخطابك، فما أعاره صلى الله عليه وسلم طرفا، ولا قرأ من مسطور ما أوحى إليه حرفا " ما زاغ البصر ".






رد مع اقتباس
إضافة رد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


Loading...

Flag Counter

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
  تصميم علاء الفاتك
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 12 13 14 16 17 18 19 20 21 22 23 24 26 27 28 29 30 31 34 35 36 37 38 39 41 42 43 44 46 53 54 57 58 59 62 63 64 66 67 70 71 72 73 74 75 77 78 79 80 81 82 83 84 85 86 87 88 89 90 91 92 93 94 95 96 97