بسم الله الرحمن الرحيم <br>
الكتاب الذي لا يفارقني فهو رفيقي في حللي وترحالي وهو كتاب ايقاظ الهمم في شرح الحكم للشيخ الجليل ابن عجيبة الحسني <br>
فقد فتح الله عليه في هذا الكتاب فتحا عجيبا وفهما عميقا لمعنى التصوف <br>
واجمل ما لفت نظري في الكتاب عنوانه فهو اسم على مسمى فهو فعلا يوقظ الهمم <br>
كنت كلما انتابني هم وضيق افتح الكتاب لا على التعيين واقرا منه ما تيسر اشعر بانجلاء الهم وتجديد الهمة في السير والسلوك ومما ذكر فيه :<br>
قال الشيخ الصقلي رضي االله عنه في كتابه المسمى بأنوار القلوب في العلم الموهوب قال : وكل من صدق بهذا العلم فهو من الخاصة وكل من فهمه فهو من خاصة الخاصة وكل من عبر عنه وتكلم فيه فهو النجم الذي لا يدرك والبحر الذي لا ينزف وقال آخر اذا رأيت من فتح له في التصديق بهذه الطريقة فبشره وإذا رأيت من فتح له في الفهم فيه فاغتبطه واذا رأيت من فتح له في النطق فيه فعظمه واذا رأيت منتقدا عليه ففر منه فرارك من الاسد واهجره (انتهى كلام الشيخ ابن عجيبة)<br>
أقول ولا تفر منه ازدراء له بل رحمة بك وبه فهو لا يعرف الحقيقة وكما قيل من ذاق عرف ومن عرف غرف تعامل مع غيرك بالشريعة وتعامل مع نفسك بالحقيقة فمن انتقد الصوفية الحقيقية فهو جاهل بها فقد يكون معذورا <br>
إما انه التقى بمن ليس له قدرة التسليك والايصال إلى حقائق التصوف او انه محروم والعياذ بالله من الحرمان <br>
يقول الشيخ ابن عجيبة:<br>
وإذا أراد االله تعالى خذلان عبد بعدله وحكمته أشغل فكرته بالأكوان الظلمانية والشهوات الجسمانية فأنطبعت تلك الأكوان في مرآة قلبه فأنحجب بظلماتها الكونية وصورها الخيالية عن أشراق شموس العرفان وأنوار الإيمان فكلما تراكمت فيها صور الأشياء إنطمس نورها وأشتد حجابها فلا ترى إلا الحس ولا تتفكر إلا في الحس فمنها ما يشتد حجابها وينطمس نورها بالكلية فتنكر وجود النور من أصله وهو مقام الكفر والعياذ بالله ومنها ما يقل صداها ويرق حجابها فتقر بالنور ولا يشاهده وهو مقام عوام المسلمين وهم متفاوتون في القرب والبعد وقوة الدليل وضعفه كل على قدر يقينه وقلة تعلقاته الدنيوية وعوائقه الشهوانية وخيالاته الوهمية وفي الحديث أن القلوب تصدأ كما يصدأ الحديد وأن الإيمان يخلق أي يبلى كما يخلق الثوب وفي حديث آخر لكل شيء مصقلة ومصقلة القلوب ذكر االله <br>
هذه قطرة من بحر الشيخ ابن عجيبة فهو فعلا عجيب في فهمه للتصوف عجيب في قدرته على التعبير عن أفكاره <br>
ولا أبالغ ان قلت انني قرأت هذا الكتاب مرات ومرات وكلما أنهيت مطالعته أعود إلى بدايته وفي كل مرة اكتشف معاني جديدة<br>
رحم الله شيخنا الجليل واسكنه فسيح جناته <br>
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
12-22-2016, 09:10 AM
العجيب الشيخ إبن عجيبة الحسني
العرض العادي
